إنجيل القديس مرقس

يشارك

مرقس 1

1 بداية إنجيل يسوع المسيح ابن الله. 2 بحسب ما هو مكتوب في سفر إشعياء النبي: «ها أنا أرسل ملاكي أمامكم ليهيئ لكم الطريق». 3 صوت ينادي في البرية: أعدوا طريق الرب، واجعلوا سبله مستقيمة.» 4 وظهر يوحنا وهو يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا. 5 فجاء إليه كل كورة اليهودية وكل سكان أورشليم، واعترفوا بخطاياهم، وقبلوا منه المعمودية في نهر الأردن. 6 وكان يوحنا يلبس وبر الإبل، وعلى حقويه منطقة من جلد، ويأكل الجراد والعسل البري، وكان يكرز هكذا: 7 «"يأتي بعدي من هو أقوى مني، والذي لست أهلاً أن انحني وأحل سيور حذائه.". 8 "أنا عمدتكم بالماء، وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس."» 9 وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن. 10 ولما صعد من الماء رأى السماء قد انشقت والروح القدس مثل حمامة نازلا عليه. 11 وجاء صوت من السماء قائلا: أنت ابني الحبيب الذي به سررت.« 12 وفي الحال أخرج الروح يسوع إلى البرية. 13 وبقي هناك أربعين يوما يجربه الشيطان وكان بين الوحوش و الملائكة لقد خدموه. 14 بعد أن تم وضع جون في سجن, وجاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله. 15 وقال: «قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل».» 16 وفيما هو يجتاز على شاطئ بحر الجليل رأى سمعان وأندراوس أخاه يلقيان الشبكة في البحر، فإنهما كانا صيادين. 17 قال لهم يسوع: «تعالوا اتبعوني فأجعلكم صيادي الناس».» 18 فللوقت تركوا شباكهم وتبعوه. 19 وبعد قليل رأى يعقوب بن زبدي ويوحنا أخاه وهما أيضاً في السفينة يصلحان شباكهما. 20 فناداهم للوقت، وتركوا أباهم زبدي في السفينة مع العمال وتبعوه. 21 فذهبوا إلى كفرناحوم، وفي السبت الأول دخل يسوع المجمع وابتدأ يعلم. 22 فبهتوا من تعليمه، لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة. 23 وكان في مجمعهم رجل به روح نجس، فصرخ قائلا: 24 «ما لنا ولك يا يسوع الناصري؟ أتيتَ لتهلكنا. أنا أعرفك، قدوس الله.» 25 ولكن يسوع هدده وقال له: «اخرس واخرج منه».» 26 فخرج منه الروح النجس يزعجه بشدة ويصرخ صراخا عظيما. 27 فامتلأ الجميع دهشةً، حتى سأل بعضهم بعضًا: «ما هذا؟ ما هذا التعليم الجديد؟ فهو يسود حتى على الأرواح النجسة، وهي تطيعه».» 28 فانتشر خبره في الحال في كل منطقة الجليل. 29 وخرجا من المجمع وجاءا للوقت إلى بيت سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا. 30 وكانت حماة سمعان مضطجعة محمومة، فأخبروا يسوع عنها في الحال. 31 فاقترب منها وساعدها على النهوض، وأخذ بيدها، وفي نفس اللحظة تركتها الحمى وبدأت تخدمهم. 32 وفي المساء، بعد غروب الشمس، أحضروه جميعًا المرضى والشياطين, 33 وكانت المدينة كلها مكتظة أمام الباب. 34 فشفى كثيرين من المرضى المصابين بأمراض مختلفة، وأخرج كثيرين من الشياطين، ولكنه لم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوه. 35 وفي الغد، بعد أن استيقظ قبل طلوع الفجر بوقت طويل، خرج وذهب إلى مكان منعزل وصلى هناك. 36 فابتدأ سمعان والذين معه يطلبونه., 37 ولما وجدوه قالوا: "الجميع يطلبونك".« 38 فأجاب وقال: لنذهب إلى القرى المجاورة لأكرز هناك أيضاً لأني لهذا خرجت.« 39 وكان يكرز في مجامعهم ويطوف في كل الجليل ويخرج الشياطين. 40 فجاء إليه رجل مصاب بالجذام، وركع على ركبتيه، وقال له بصوت متوسل: "إذا أردت، يمكنك أن تشفيني".« 41 فتحنن يسوع ومد يده ولمسه وقال: أريد، فأشفى.« 42 ولما تكلم ذهب البرص من الرجل فشُفي. 43 فأرسله يسوع في الحال وقال له بصوت صارم: 44 «"احترز من أن تخبر أحداً، بل اذهب أر نفسك للكاهن وقدم عن شفائك ما أمر به موسى، لكي تشهد به أمام الشعب."» 45 "ولكن هذا الرجل مضى وابتدا يخبر ويذيع في كل مكان بهذه الأمور. حتى لم يعد يقدر أن يدخل مدينة علانية، بل كان يبيت خارجاً في أماكن خالية، وكان الناس يأتون إليه من كل جانب.".

مرقس 2

1 وبعد بعض الوقت، عاد يسوع إلى كفرناحوم. 2 ولما علم أنه في البيت اجتمع للوقت جمع غفير من الناس حتى لم يجدوا مكانا حتى عند الباب، فبشرهم بالكلمة. 3 ثم أحضروا إليه مفلوجًا يحمله أربعة رجال. 4 ولما لم يستطيعوا أن يأتوا إليه بسبب الجمع، كشفوا السقف حيث كان، وأنزلوا من الفتحة السرير الذي كان المفلوج مضطجعاً عليه. 5 فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج: يا ابني، مغفورة لك خطاياك.« 6 وكان بعض الكتبة جالسين هناك يفكرون في قلوبهم قائلين: 7 «كيف يتكلم هذا الرجل هكذا؟ إنه يجدف. من يغفر الخطايا إلا الله وحده؟» 8 فللوقت شعر يسوع بروحه أنهم يفكرون بهذا في قلوبهم، فقال لهم: «لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم؟ 9 أيهما أيسر أن يقال للمفلوج: مغفورة لك خطاياك، أم أن يقال له: قم واحمل فراشك وامشِ؟ 10 ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا،, 11 "قال للمفلوج: "أنا آمرك، قم، خذ سريرك واذهب إلى بيتك".» 12 وفي تلك الساعة قام وأخذ سريره وخرج أمام الجميع، حتى امتلأ الجميع دهشة ومجدوا الله قائلين: "لم نرَ قط مثل هذا".« 13 وخرج يسوع أيضاً إلى جانب البحر، وجاء إليه جميع الشعب، فكان يعلمهم. 14 وفيما هو مجتاز رأى لاوي بن حلفى جالسا عند باب تحصيل الرسوم، فقال له: «اتبعني». فقام لاوي وتبعه. 15 وحدث أن يسوع كان متكئاً في بيت هذا الرجل، وكان كثيرون من العشارين والخطاة يأكلون معه ومع تلاميذه، لأن كثيرين كانوا يتبعونه. 16 ولما رأى الكتبة والفريسيون أنه يأكل مع الخطاة والعشارين، قالوا لتلاميذه: «لماذا يأكل معلمكم ويشرب مع الخطاة والعشارين؟» 17 فلما سمع يسوع هذا قال لهم: «ليس الأصحاء هم الذين يحتاجون إلى طبيب، بل الذين يتوبون إلى الرب هم الذين يتوبون إلى العالم». المرضى, لم آتِ لأدعو الصديقين، بل لأدعو الصيادين. » 18 وكان تلاميذ يوحنا والفريسيون يصومون، فجاءوا إليه وقالوا: «لماذا يصوم تلاميذ يوحنا والفريسيون، وأما تلاميذك فلا يصومون؟» 19 أجابهم يسوع: «هل يستطيع أهل العريس أن يصوموا والعريس معهم؟ ما دام العريس معهم فلا يستطيعون أن يصوموا. 20 ولكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون في تلك الأيام. 21 لا أحد يخيط قطعة قماش جديدة على ثوب قديم، وإلا فإن القطعة الجديدة ستأخذ معها قطعة من القديم، فيزداد التمزق سوءًا. 22 ولا يضع أحد خمرًا جديدة في زقاق عتيقة، وإلا شقّت الخمر الزقاق، وتناثر الخمر، وفسدت الزقاق. بل يجب وضع خمر جديدة في زقاق جديدة.» 23 وفي يوم السبت كان يسوع يمر بين حقول القمح، فأخذ تلاميذه يقطفون سنابل القمح. 24 فقال له الفريسيون: «لماذا يفعلون ما لا يحل في السبت؟» 25 فأجابهم: «أما قرأتم ما فعله داود حين احتاج هو وأصحابه وجاعوا؟ 26 كيف دخل بيت الله في أيام أبياثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة الذي لا يجوز أكله إلا للكهنة، بل وأعطى منه للذين كانوا معه؟» 27 وقال لهم أيضًا: «إن السبت جُعل لأجل الإنسان، وليس الإنسان لأجل السبت،, 28 ولهذا السبب فإن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا.»

مرقس 3

1 ودخل يسوع المجمع أيضاً، وإذا رجل يده يابسة. 2 وكانوا يراقبونه هل يشفيه في السبت، لكي يشتكوا عليه. 3 قال يسوع للرجل الذي يده يابسة: قف هنا في الوسط., 4 ثم قال لهم: «هل يحل في السبت فعل الخير أم فعل الشر، تخليص نفس أم قتلها؟» ولبثوا صامتين. 5 ثم نظر إليهم بغضب وحزن على عمى قلوبهم، وقال للرجل: «مدّ يدك». فمدها، فعادت يده صحيحة. 6 فخرج الفريسيون للوقت وتآمروا عليه مع الهيرودسيين لكي يهلكوه. 7 ثم انصرف يسوع إلى البحر مع تلاميذه، وتبعه جمع كثير من الجليل واليهودية،, 8 من أورشليم، ومن أدوم، ومن عبر الأردن. وسمع أهل صور وصيدا بما صنع، فجاءوا إليه بجموع كثيرة. 9 وأمر تلاميذه أن يجعلوا له سفينة في كل حين، لكي لا يضايقه الجمع. 10 لأنه شفى كثيرين، كل من كان به مرض كان يسرع إلى لمسه. 11 فلما رأته الأرواح النجسة، سجدت له وقالت: «أنت ابن الله!», 12 ولكنه منعهم من الكشف عن هويته تحت تهديدات شديدة. 13 وبعد أن صعد إلى الجبل، دعا أولئك الذين أرادهم، فأتوا إليه. 14 فعيّن اثني عشر رجلاً ليكونوا معه ويرسلهم للتبشير., 15 مع القدرة على شفاء الأمراض وطرد الشياطين. 16 فأطلق على سمعان لقب بطرس., 17 ثم اختار يعقوب بن زبدي ويوحنا أخا يعقوب، فأعطاهما لقب بوانرجس، أي ابني الرعد،, 18 أندراوس، فيليب، برثولماوس، متى، توما، يعقوب بن حلفى، تداوس، سمعان الغيور،, 19 ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه. 20 فرجعوا إلى بيوتهم، فاجتمع الجمع أيضاً، حتى إنهم لم يستطيعوا أن يأكلوا طعامهم. 21 ولما علم والداه بذلك، جاءا ليأخذاه، لأنهما قالا: إنه قد فقد عقله.« 22 ولكن الكتبة الذين جاءوا من أورشليم قالوا: «إنه مجنون ببعلزبول، وهو برئيس الشياطين يخرج الشياطين».» 23 فدعاهم يسوع وقال لهم بمثل: كيف يقدر الشيطان أن يخرج الشيطان؟ 24 إذا انقسمت مملكة على ذاتها، فلا تستطيع تلك المملكة أن تثبت., 25 وإن انقسم بيت على ذاته فلا يستطيع ذلك البيت أن يثبت. 26 إذا قام الشيطان على نفسه فإنه ينقسم ولا يستطيع البقاء وتنتهي قوته. 27 لا يجوز لأحد أن يدخل بيت الحصن ويأخذ أثاثه إلا إذا قيده أولاً ثم ينهب بيته. 28 الحق أقول لكم: إن جميع خطايا بني البشر ستغفر لهم، حتى التجاديف التي نطقوا بها. 29 وأما من جدف على الروح القدس فلن يُغفر له إلى الأبد، بل هو مذنب بخطيئة أبدية.» 30 قال يسوع هذا لأنهم كانوا يقولون: «إن فيه روحاً نجساً».» 31 ولما وصلت أمه وإخوته، وقفوا خارجًا وأرسلوا إليه خبرًا. 32 وكان الناس جالسين حوله، فقالوا له: «أمك وإخوتك خارجاً يطلبونك».» 33 فأجاب: من أمي ومن إخوتي؟« 34 ثم نظر حوله إلى الجالسين حوله وقال: هؤلاء أمي وإخوتي. 35 لأن من يفعل مشيئة الله هو أخي وأختي وأمي.»

مرقس 4

1 وبدأ يسوع يُعلّم أيضًا عند البحر، فاجتمع حوله جمعٌ غفيرٌ حتى إنه ركب السفينة وجلس فيها على البحر، بينما كان الجمع كلّه على الشاطئ. 2 وعلمهم أشياء كثيرة في الأمثال وكان يقول لهم في تعليمه: 3 «"اسمع، خرج الزارع ليزرع. 4 وبينما هو يزرع، سقط بعض البذور على الطريق، فجاءت الطيور وأكلتها. 5 وسقط آخرون على أرض صخرية حيث لم تكن لهم تربة كثيرة، فقاموا في الحال لأن تربتها كانت ضحلة. 6 ولكن عندما أشرقت الشمس، ضربت النبات حرارة الشمس ولم يكن له جذور، فذبل. 7 وسقطت حبات أخرى بين الشوك، فطلع الشوك وخنقها، فلم تصنع ثمرا. 8 "وسقط آخر على الأرض الجيدة، فنما ونما، وأعطى ثمرته، فأعطى بعضه ثلاثين ضعفاً، وبعضه ستين ضعفاً، وبعضه مئة ضعف."» 9 وأضاف: «من له أذنان للسمع فليسمع». 10 ولما كان وحده سأله الذين حوله مع الاثني عشر عن الأمثال. 11 فقال لهم: «لكم قد أعطي معرفة سر ملكوت الله، وأما الذين هم من خارج فأُعلن لهم كل شيء في داخلهم». الأمثال, 12 حتى أنهم إذ يبصرون بأعينهم لا يبصرون، أو يسمعون بآذانهم لا يفهمون، لئلا يرجعوا فيأخذوا. مغفرة من خطاياهم.» 13 وأضاف: «ألا تفهمون هذا المثل؟ فكيف تفهمون كل هذا؟» الأمثال ? 14 الزارع يزرع الكلمة. 15 وأما الذين هم على الطريق فهم الرجال الذين زرعت فيهم الكلمة، وبمجرد أن يسمعوها يأتي الشيطان وينزع الكلمة المزروعة في قلوبهم. 16 وكذلك الذين ينالون البذار على الأرض الصخرية، هم الذين حالما يسمعون الكلمة يتقبلونها بفرح., 17 ولكن ليس لهم أصل، بل هم متقلبون. فإذا حدث ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة، فللوقت يسقطون. 18 والذين ينالون البذرة بين الشوك هم الذين يستمعون إلى الكلمة., 19 ولكن هموم هذا العالم وغرور الغنى والشهوات الأخرى تدخل إلى قلوبهم وتخنق الكلمة فلا تأتي بثمر. 20 "وأخيرًا، الذين سقط زرعهم على الأرض الجيدة، هم الذين يسمعون الكلمة ويقبلونها، فيثمرون ثلاثين أو ستين أو مائة ضعف."» 21 وقال لهم أيضًا: «هل يُؤتى بالمصباح ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير؟ ألا يُؤتى به ليوضع على المنارة؟ 22 لأنه ليس شيء خفي إلا أن يُعلن، ولا شيء عمل في الخفاء إلا أن يظهر. 23 إن كان لأحد أذنان للسمع فليسمع.» 24 وأضاف: «انتبهوا لما تسمعون. فبحسب الكيل الذي به تكيلون يُكال لكم، ويزاد لكم». 25 "فمن له سيعطى ومن ليس له سيؤخذ منه حتى الذي عنده."» 26 وقال أيضاً: «إن ملكوت الله يشبه رجلاً ينشر البذار في الأرض. 27 ينام ويستيقظ، ليلاً ونهاراً، والبذرة تنبت وتنمو، ولكنه لا يعرف كيف. 28 فإن الأرض تأتي بثمر من ذاتها: أولاً عشباً، ثم سنبلاً، فيمتلئ السنبل حنطة. 29 وعندما تنضج الثمرة، يوضع المنجل في الحال، لأن وقت الحصاد قد حان.» 30 وقال أيضًا: «بماذا نشبه ملكوت الله؟ أو بأي مثل نمثله؟» 31 فهو مثل حبة الخردل، التي عندما تزرع في الأرض تكون أصغر البذور كلها على وجه الأرض., 32 وعندما تُزرع فإنها تنمو أطول من جميع نباتات الحديقة الأخرى، وتمتد فروعها حتى تتمكن طيور السماء من إيجاد مأوى في ظلها.» 33 وقد علمهم ذلك بوسائل مختلفة. الأمثال, ، اعتمادًا على ما إذا كانوا قادرين على سماعه. 34 ولم يتكلم معهم من دون الأمثال, ولكنه، على وجه الخصوص، شرح كل شيء لتلاميذه. 35 في ذلك اليوم، نحو المساء، قال لهم: "دعونا نعبر إلى الجانب الآخر".« 36 وبعدما صرفوا الجمع، أخذوا يسوع معهم كما هو في السفينة، وكانت سفن أخرى ترافقه. 37 ثم حدثت عاصفة عنيفة، فدفعت الأمواج نحو السفينة حتى كادت أن تمتلئ بالماء. 38 وكان هو في المؤخرة نائما على الوسادة، فأيقظوه وقالوا له: يا معلم، أما يهمك أننا نهلك؟« 39 فاستيقظ يسوع وانتهر الريح وقال للبحر: اسكت، اسكت. فسكنت الريح وصار هدوء عظيم. 40 فقال لهم: «ما بالكم خائفين؟ أليس لكم إيمان بعد؟» فخافوا خوفاً عظيماً وقالوا بعضهم لبعض: «فمن هو هذا حتى تطيعه الريح والبحر؟»

مرقس 5

1 وبعد أن عبروا البحر وصلوا إلى أرض الجدريين. 2 وبينما هو خارج من السفينة، إذا برجل من بين القبور فيه روح نجس. 3 وكان مسكنه في القبور، ولم يكن أحد يستطيع أن يقيده بعد الآن، حتى بسلسلة. 4 لأنه كان مقيدًا بالسلاسل والقيود كثيرًا، وكان يكسر السلاسل ويحطم قيوده، حتى لا يستطيع أحد أن يتحكم فيه. 5 وكان يتجول باستمرار، ليلًا ونهارًا، بين القبور وعلى الجبال، يصرخ ويضرب نفسه بالحجارة. 6 فلما رأى يسوع من بعيد ركض إليه وسجد له،, 7 فصرخ بصوت عظيم وقال: ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي؟ أستحلفك بالله ألا تعذبني.« 8 لأن يسوع كان يقول له: أيها الروح النجس، اخرج من هذا الإنسان.« 9 فسأله: «ما اسمك؟» فقال له: «اسمي ليجيون، لأننا كثيرون».» 10 وتوسل إليه بإلحاح أن لا يرسلهم خارج تلك البلاد. 11 وكان هناك قطيع كبير من الخنازير يرعى هناك على طول الجبل. 12 فطلب الشياطين إلى يسوع قائلين: «أرسلنا إلى تلك الخنازير لندخل».» 13 فسمح لهم بذلك على الفور، فخرجت الأرواح النجسة من الرجل الممسوس، ودخلت في الخنازير، فاندفع القطيع، الذي كان نحو ألفي خنزير، إلى أسفل المنحدرات الشديدة إلى البحر وغرق. 14 فرّ حراسهم ونشروا الخبر في أرجاء المدينة والريف. فذهب الناس ليروا ما حدث., 15 فجاءوا إلى يسوع، ورأوا الرجل المسكون بالشيطان، الذي كان فيه الفيلق، جالساً هناك، لابساً وعاقلاً، فخافوا خوفاً شديداً. 16 فأخبرهم الذين شهدوا ما حدث للرجل الممسوس والخنازير،, 17 فبدأوا بالصلاة إلى يسوع ليخرج من حدودهم. 18 وعندما دخل يسوع السفينة، طلب الرجل الذي كان ممسوسًا منه أن يأذن له أن يتبعه. 19 ولم يدعه يسوع يفعل ذلك، بل قال له: «اذهب إلى بيتك وإلى أهلك، وأخبرهم بكل ما صنع الرب إليك، وكيف رحمك».» 20 فذهب وابتدأ ينادي في المدن العشر بكل ما صنع له يسوع، فتعجب الجميع. 21 ولما عبر يسوع البحر أيضًا في السفينة، ولما اقترب من الشاطئ، اجتمع حوله جمع كبير. 22 ثم جاء واحد من رؤساء المجمع اسمه يايروس، فلما رآه سقط عند قدميه., 23 وتوسلت إليه بإلحاح قائلة: ابنتي تحتضر، تعال وضع يدك عليها لكي تشفى وتحيا.« 24 فذهب معه، وتبعه جمع كثير وأحاط به. 25 وكانت هناك امرأة تعاني من نزيف الدم منذ اثنتي عشرة سنة،, 26 لقد عانت كثيرًا من زيارة العديد من الأطباء وأنفقت كل أموالها، وبدلًا من أن تشعر بأي راحة، رأت مرضها يزداد سوءًا. 27 ولما سمعت عن يسوع، جاءت إلى الجمع ولمست ظهر ثوبه. 28 لأنها قالت: «إن مسست ثيابه فقط شفيت».» 29 فتوقف تدفق الدم في الحال، وأحست في جسدها أنها شُفيت من مرضها. 30 في تلك اللحظة، شعر يسوع في داخله أن قوة قد خرجت منه، فالتفت في وسط الجمع وقال: "من لمس ملابسي؟"« 31 قال له تلاميذه: «أنت تنظر الجمع يزحمك من كل جانب، فتسأل: من لمسني؟» 32 ونظر حوله ليرى من الذي لمسه. 33 فأتت هذه المرأة وهي ترتجف من الخوف، وهي تعلم ما حدث لها، وألقت بنفسها عند قدميه وأخبرته بالحقيقة كاملة. 34 فقال لها يسوع: يا ابنة، إيمانك قد شفاك. اذهبي بسلام وكوني صحية من ضعفك.« 35 وبينما هو يتكلم، جاء واحد من بيت رئيس المجمع وقال له: «لقد ماتت ابنتك، فلماذا تثقل على المعلم أكثر؟» 36 ولكن لما سمع يسوع هذا، قال لرئيس المجمع: «لا تخف، آمن فقط».» 37 ولم يدع أحداً يرافقه إلا بطرس ويعقوب ويوحنا أخا يعقوب. 38 نصل إلى بيت رئيس الكنيس وهناك يرى مجموعة مرتبكة من الناس يبكون ويصرخون بصوت عالٍ. 39 فدخل وقال لهم: لماذا كل هذا الضجيج والصراخ؟ إن الطفل ليس ميتاً، بل هو نائمة.« 40 فاستهزأوا به. فأخرج الجميع خارجاً، وأخذ معه أبا الصبية وأمها والتلاميذ الذين كانوا معه، وجاء إلى المكان الذي كانت الصبية مضطجعة فيه. 41 فأمسك بيدها وقال لها: «طليثا قومي» أي يا فتاة قومي أقول لك.« 42 فقامت الفتاة في الحال وبدأت تمشي، لأنها كانت ابنة اثنتي عشرة سنة، فدهشوا. 43 ونهى يسوع بشدة أن يقولوا لأحد، ثم قال لهم أن يعطوا الفتاة شيئاً لتأكل.

مرقس 6

1 وبعد أن غادر يسوع هناك جاء إلى وطنه، وتبعه تلاميذه. 2 ولما كان السبت، ابتدأ يُعلّم في المجمع، فتعجب كثيرون ممن سمعوه وقالوا: «من أين لهذا هذه؟ وما هذه الحكمة التي أُعطيت له؟ وكيف تُجرى على يديه مثل هذه المعجزات؟» 3 أليس هذا هو النجار ابن متزوج, »أخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان؟ أليست أخواته ههنا عندنا؟» فأعثرهم. 4 فقال لهم يسوع: «ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته وبين أقربائه».» 5 ولم يكن يستطيع أن يصنع هناك أية معجزات، سوى أنه كان يشفي بعض المرضى بوضع يديه عليهم. 6 فتعجب من عدم إيمانهم. ثم جال يسوع في كل قرية يعلم. 7 ثم دعا الاثني عشر وابتدأ يرسلهم اثنين اثنين وأعطاهم سلطانا على الأرواح النجسة. 8 ونصحهم بأن لا يحملوا معهم في الرحلة سوى عصا، ولا حقيبة، ولا خبز، ولا نقود في أحزمتهم., 9 بل يلبسون نعالاً ولا يلبسون ثوبين. 10 وقال لهم: حيثما دخلتم بيتاً فأقيموا فيه حتى تخرجوا من هناك. 11 وإذا رفضوا في مكان ما أن يستقبلوك ويستمعوا إليك، فاخرج وانفض الغبار من تحت قدميك شهادة لهم.» 12 وبعد أن غادروا، بشروا بالتوبة،, 13 فأخرجوا شياطين كثيرة ومسحوا بالزيت مرضى كثيرين فشفوهم. 14 وسمع الملك هيرودس عن يسوع الذي ذاع صيته، فقال: «لقد قام يوحنا المعمدان، ولذلك تعمل فيه عجائب».» 15 وقال آخرون: «إنه إيليا». وقال آخرون: «إنه نبي كأحد الأنبياء القدماء».» 16 فلما سمع هيرودس هذا قال: «إن يوحنا الذي قطعت رأسه قام من بين الأموات».» 17 لأن هيرودس هو الذي أرسل إلى يوحنا وأسلمه. سجن مثقلاً بالسلاسل بسبب هيروديا امرأة أخيه فيلبس التي تزوجها،, 18 لأن يوحنا كان يقول لهيرودس: لا يحل لك أن تأخذ امرأة أخيك.« 19 فكانت هيروديا عدائية تجاهه وأرادت قتله، ولكنها لم تستطع. 20 لأن هيرودس، إذ عرف أنه رجل بار وقديس، كان يهابه ويراقب حياته، وكان يفعل أموراً كثيرة بمشورته، ويسمع له طوعاً. 21 وأخيرًا، سنحت فرصة سانحة. ففي ذكرى ميلاده، أقام هيرودس وليمةً لعظماء بلاطه وضباطه ووجهاء الجليل. 22 ودخلت ابنة هيروديا ورقصت فأعجبت هيرودس والمتكئين معه، فقال الملك للفتاة: «اطلبي مني ما تريدين فأعطيك».» 23 وأضاف بقسم: "كل ما تطلبه مني أعطيك حتى نصف مملكتي".« 24 فخرجت وقالت لأمها: ماذا أطلب؟ فقالت أمها: رأس يوحنا المعمدان.« 25 فعادت الفتاة على الفور إلى الملك بلهفة وطلبت منه: "أريد أن تعطيني الآن على طبق رأس يوحنا المعمدان".« 26 فحزن الملك، ولكن بسبب قسمه وضيوفه لم يشأ أن يحزنه بالرفض. 27 فأرسل على الفور أحد حراسه مع الأوامر بإحضار رأس جون على طبق. 28 ذهب الحارس لقطع رأس جان في سجن وأتى برأسه على طبق وأعطاه للصبية فأعطته الصبية لأمها. 29 ولما سمع تلاميذ يوحنا ذلك جاءوا وأخذوا جسده ووضعوه في قبر. 30 وعندما عاد الرسل إلى يسوع أخبروه بكل ما فعلوا وكل ما علموا. 31 فقال لهم: «تعالوا أنتم إلى مكان قفر واستريحوا». لأن الناس كانوا كثيرين، حتى إن الرسل لم يكن لديهم وقت لتناول الطعام. 32 فركبوا وانصرفوا إلى مكان منعزل. 33 وقد شوهدوا وهم يغادرون، فتوقع كثير من الناس إلى أين يذهبون، فاندفعوا من جميع المدن إلى ذلك المكان ووصلوا قبلهم. 34 ولما نزل يسوع رأى جمعاً كثيراً فشفق عليهم إذ كانوا كغنم لا راعي لها، فابتدأ يعلمهم أشياء كثيرة. 35 ولما كان الوقت متأخرا تقدم إليه تلاميذه وقالوا له: هذا مكان مقفر والوقت متأخر أيضا., 36 "أرسلهم مرة أخرى حتى يتمكنوا من الذهاب إلى المزارع والقرى المجاورة لشراء شيء يأكلونه."» 37 فأجابهم: «أعطوهم أنتم ليأكلوا». فقالوا له: «أنذهب فنشتري خبزاً بمئتي دينار فنعطيهم ليأكلوا؟» 38 فسألهم: «كم رغيفًا عندكم؟ اذهبوا وانظروا». فلما عرفوا، قالوا له: «خمسة أرغفة وسمكتان».» 39 ثم أمرهم أن يجلسوهم جميعا جماعات على العشب الأخضر., 40 وجلسوا مجموعات مائة وخمسين. 41 فأخذ يسوع الأرغفة الخمسة والسمكتين، ورفع نظره نحو السماء وشكر. ثم كسر الأرغفة وأعطى تلاميذه ليوزعوها على الجمع، وقسم السمكتين أيضًا بينهم جميعًا. 42 فأكلوا جميعهم وشبعوا., 43 فحملوا اثنتي عشرة قفة مملوءة من الخبز وما فضل من السمك. 44 وكان الذين أكلوا خمسة آلاف رجل. 45 وبعد ذلك في الحال ألزم يسوع تلاميذه أن يركبوا السفينة ويسبقوه إلى عبر البحيرة، إلى بيت صيدا، حتى يصرف هو الجمع. 46 وبعد أن ودع، صعد إلى الجبل ليصلي. 47 ولما جاء المساء، كانت السفينة في وسط البحر، وكان يسوع وحده على البر. 48 ولما رأى أنهم يجدون صعوبة في التجديف لأن الريح كانت مضادة لهم، ذهب إليهم نحو الهزيع الرابع من الليل ماشيا على البحر، وأراد أن يجتازهم. 49 ولكن عندما رأوه يمشي على البحر، ظنوه شبحًا، فصرخوا. 50 فلما رأوه جميعًا اضطربوا. فخاطبهم في الحال وقال: «تشجعوا، أنا هو. لا تخافوا».» 51 ثم ركب معهم السفينة، فسكنت الريح، وبلغت دهشتهم ذروتها، ففقدوا صوابهم., 52 لأنهم لم يفهموا آية الخبز، لأن قلوبهم كانت عمياء. 53 وبعد أن عبروا البحيرة وصلوا إلى أرض جنيسارت ونزلوا هناك. 54 ولما خرجوا من السفينة تعرف أهل المنطقة على يسوع في الحال،, 55 فتشوا كل المناطق المحيطة وبدأ الناس بإحضاره المرضى على النقالات، في كل مكان وجده. 56 أينما وصل، في القرى، في المدن وفي الريف، تم وضعه المرضى في الساحات العامة وطلبوا منه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط، وكل من استطاع أن يلمسه شُفي.

مرقس 7

1 واجتمع حول يسوع الفريسيون وبعض الكتبة الذين جاءوا من أورشليم. 2 إذ رأى بعض تلاميذه يأكلون بأيدي غير طاهرة، أي بأيدي غير مغسولة. 3 لأن الفريسيين وكل اليهود لا يأكلون إلا بعد غسل أيديهم جيداً حسب تقليد الشيوخ. 4 وعند عودتهم من الساحة العامة، لا يتناولون الطعام إلا بعد الوضوء. كما يمارسون عاداتٍ أخرى كثيرة، كتطهير الكؤوس والأباريق والأواني البرونزية والأسِرّة. 5 فسأله الفريسيون والكتبة: «لماذا لا يتبع تلاميذك تقليد الشيوخ ويأكلون بأيدي نجسة؟» 6 فأجابهم: «لقد صدق إشعياء حين تنبأ عنكم أيها المرائون، كما هو مكتوب: هذا الشعب يكرمني بشفتيه، وأما قلبه فأبعد مني». 7 إن عبادتهم لي باطلة، إذ يعلمون تعاليم هي وصايا البشر. 8 أنت تتجاهل وصايا الله وتتمسك بالتقاليد البشرية، وتطهر الأواني والكؤوس وتفعل أشياء أخرى كثيرة مثل ذلك. 9 وأضاف قائلاً: "أنت تعرف جيدًا كيف تبطل وصية الله بهذه الطريقة، حتى تحافظ على تقليدك". 10 لأن موسى قال: أكرم أباك وأمك، ومن يشتم أباه وأمه فليقتل قتلاً. 11 وتقولون: إذا قال الرجل لأبيه أو أمه: أي خير صنعته إليكم فهو قربان، أي هبة لله،, 12 لم تعد تسمح له بفعل أي شيء لأبيه أو أمه., 13 "فأنت تبطل كلام الله بالتقليد الذي تعلمه، وتفعل أشياء أخرى كثيرة مثل هذا."» 14وبعد أن جمع يسوع الجمع، قال لهم: «اسمعوا مني جميعكم وافهموا. 15 لا شيء مما هو خارج الإنسان يستطيع أن ينجسه بالدخول فيه، ولكن ما يخرج من الإنسان هو الذي ينجسه. 16 من له أذنان فليسمع جيدا.» 17 وبعد أن دخل إلى بيت منعزلاً عن الجمع، سأله تلاميذه عن هذا المثل. 18 فقال لهم: «أهكذا أنتم أغبياء؟ ألا تفهمون أن لا شيء يدخل الإنسان من الخارج يقدر أن ينجسه؟», 19 لأنه لا يدخل إلى قلبه، بل يذهب إلى المعدة ويخرج إلى المكان السري، وبذلك يطهر كل طعام؟ 20 لكن أضاف أن الذي يخرج من الإنسان هو الذي ينجسه. 21 لأنه من الداخل، من قلوب الناس، تأتي الأفكار الشريرة، الزنا، والفسق، والقتل., 22 السرقة، الجشع، الشر، الاحتيال، الفجور، الحسد، القذف، الكبرياء، الجنون. 23 كل هذه الأشياء الشريرة تأتي من الداخل وتنجس الإنسان.» 24 ثم غادر المكان وذهب إلى نواحي صور وصيدا، ودخل بيتًا، وتمنى ألا يعلم به أحد، لكنه لم يستطع أن يبقى مختبئًا. 25 فما إن سمعت امرأة بأن ابنتها بها روح نجس حتى أتت وألقت بنفسها عند قدميه. 26 كانت هذه المرأة وثنية، من الجنسية السريانية الفينيقية، وتوسلت إليه أن يخرج الشيطان من ابنتها. 27 فقال له يسوع: دع البنين يشبعوا أولا، لأنه ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب.« 28 »هذا صحيح يا رب»، أجابت، «ولكن الكلاب الصغيرة تأكل فتات الأطفال تحت المائدة».» 29 ثم قال لها: «من أجل هذا الكلام اذهبي، فقد فارق الشيطان ابنتك».» 30 وعندما عادت إلى منزلها، وجدت ابنتها مستلقية على سريرها، وكان الشيطان قد تركها. 31 وبعد أن غادر يسوع بلاد صور، رجع عن طريق صيدا إلى بحر الجليل، في وسط المدن العشر. 32 وهناك أحضروا إليه رجلاً أصم أبكم وطلبوا منه أن يضع يديه عليه. 33 فانتشل يسوع من بين الجمع ووضع أصابعه في أذنيه وبصق على لسانه., 34 ثم رفع عينيه نحو السماء وتنهد وقال لها: «إفثا» أي افتحي. 35 وفي الحال انفتحت أذنا الرجل، ولسانه، وتكلم فهماً. 36 نهاهم يسوع عن إخبار أحد، ولكن كلما زاد نهىهم، زادوا في إعلانه., 37 "وملأهم الإعجاب اللامحدود، وقالوا: "إن كل ما فعله عجيب. فهو يجعل الصم يسمعون والبكم يتكلمون".«

مرقس 8

1 وفي تلك الأيام، بينما كان الجمع كثير بلا طعام، دعا يسوع تلاميذه وقال لهم: 2 «"إني أشفق على هؤلاء الناس، لأنهم لم يتركوني منذ ثلاثة أيام وليس لديهم ما يأكلونه. 3 "إذا أعدتهم إلى منازلهم بلا طعام، فسوف يغمى عليهم في الطريق، لأن كثيرين منهم جاءوا من بعيد."» 4 فأجابه تلاميذه: «من أين لنا أن نجد هنا في البرية ما يكفي من الخبز لإطعامهم؟» 5 فسألهم: «كم عندكم من الخبز؟» فقالوا: «سبعة».» 6 ثم أقعدَ الجمعَ على الأرض، وأخذَ الأرغفةَ السبعَ، وشكر، وكسرها، وأعطى تلاميذَه ليُوزِّعوا، فقاموا بتوزيعها على الجمع. 7 وكان معهم أيضاً بعض الأسماك الصغيرة، وبعد أن باركهم، أمر يسوع بتوزيعها أيضاً. 8 فأكلوا وشبعوا، ثم رفعوا من الكسر سبع سلال. 9 وكان الذين أكلوا نحو أربعة آلاف، ثم صرفهم يسوع. 10 فركب السفينة في الحال مع تلاميذه وجاء إلى أرض دلمانوثة. 11 فجاء الفريسيون وابتدأوا يحاجونه ويطلبون منه آية من السماء ليجربوه. 12 فتنهد يسوع وقال: «لماذا يطلب هذا الجيل آية؟ الحق أقول لكم: لن يُعطى هذا الجيل آية».» 13 وبعد أن تركهم، ركب السفينة وعبر إلى الجانب الآخر. 14 ولكن التلاميذ نسوا أن يحضروا رغيف الخبز، ولم يكن معهم في السفينة إلا رغيف واحد. 15 وأعطاهم يسوع هذا التحذير: "احذروا من خميرة الفريسيين وهيرودس".« 16 فتشاوروا في هذا الأمر قائلين: «لأنه ليس عندنا خبز».» 17 فعلم يسوع أفكارهم، فقال لهم: «لماذا تقولون: ليس لديكم خبز؟ أما زلتم لا تعقلون ولا تفهمون؟ هل لا تزال قلوبكم عمياء؟» 18 هل لديك عيون لا ترى بها، وآذان لا تسمع بها؟ وهل ليس لديك ذاكرة؟ 19 »حين كسرت الأرغفة الخمسة على الخمسة آلاف رجل، كم قفة مملوءة من الكسر أخذتم؟« قالوا له: »اثنتي عشرة».» 20 "وحين كسرت الأرغفة السبعة على الأربعة آلاف رجل، كم قفة مملوءة من الكسر رفعتم؟" قالوا له: "سبعة".» 21 فقال لهم: كيف لا تفهمون بعد؟« 22 فجاءوا إلى بيت صيدا، فأحضروا إليه رجلاً أعمى، وطلبوا منه أن يلمسه. 23 فأخذ يسوع بيد الأعمى وأخرجه إلى خارج القرية، ووضع من بصقه على عينيه، ووضع يديه عليه، وسأله: هل تبصر شيئاً؟. 24 فرفع الرجل الأعمى نظره وقال: أرى رجالاً يمشون كالأشجار.« 25 ثم وضع يديه على عينيه وجعله ينظر، فشفاه الله تمامًا حتى أصبح قادرًا على رؤية كل شيء بوضوح. 26 ثم أرسله يسوع إلى بيته قائلاً: اذهب إلى بيتك، ولكن لا تدخل القرية ولا تخبر أحداً هناك بهذا.« 27 ومن هناك ذهب يسوع وتلاميذه إلى قرى قيصرية فيلبس، وفي الطريق سألهم: «من يقول الناس إني أنا؟» 28 فأجابوه: يوحنا المعمدان، وآخرون إيليا، وآخرون واحد من الأنبياء. 29 »وأنتم من تقولون إني أنا؟« فأجاب بطرس: »أنت المسيح».» 30 ونهى بشدة أن يقولوا ذلك عنه لأحد. 31 ثم ابتدأ يعلمهم أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيراً، ويرفضه الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، وأنه ينبغي أن يقتل، وبعد ثلاثة أيام يقوم. 32 فأخبرهم بهذا علانية، فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره. 33 فالتفت يسوع ونظر إلى تلاميذه، وانتهر بطرس قائلاً: «اذهب عني يا شيطان! أنت لا تفكر في الله، بل في الناس».» 34 ثم دعا الجمع وتلاميذه، وقال لهم: «إن أراد أحد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني. 35 لأن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها. 36 ما فائدة الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ 37 فماذا يعطي الإنسان فداءً لنفسه؟ 38 "من استحى بي وبكلامي في وسط هذا الجيل الفاسق الخاطئ، فإن ابن الإنسان يستحي به متى جاء في مجد أبيه مع جميع الأمم." الملائكة القديسين.»

مرقس 9

1 وأضاف: «الحق أقول لكم: إن قوما من القائمين هنا لن يذوقوا الموت حتى يروا ملكوت الله مجيء بقوة».» 2 وبعد ستة أيام، أخذ يسوع معه بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبل عالٍ منفردين، فتغيرت هيئته أمامهم. 3 فأصبحت ثيابه مبهرة بيضاء كالثلج، بيضاء لا يستطيع أي غاسل على وجه الأرض أن يصل إليها. 4 ثم ظهر لهم إيليا وموسى يتكلمان مع يسوع. 5 فتكلم بطرس وقال ليسوع: «يا معلم، جيد أن نكون ههنا. فلنصنع ثلاث مظال: واحدة لك، وواحدة لموسى، وواحدة لإيليا».» 6 لم يكن يعلم ماذا يقول، كان الرعب قد استولى عليهم. 7 وكانت سحابة تغطيهم بظلها، وصوت من السحابة: «هذا هو ابني الحبيب، له اسمعوا».» 8 فللوقت نظروا حولهم فلم يروا أحداً إلا يسوع وحده معهم. 9 وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم أن لا يخبروا أحداً بما رأوه حتى يقوم ابن الإنسان من بين الأموات. 10 فحفظوا هذا الأمر في أنفسهم، متسائلين فيما بينهم: ماذا تعني عبارة "القيامة من بين الأموات".« 11 فسألوه وقالوا: «فلماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً؟» 12 فأجابهم: «ينبغي أن يأتي إيليا أولاً ويرد كل شيء. فكيف كُتب عن ابن الإنسان أنه ينبغي أن يتألم كثيراً ويُحتقر؟» 13 ولكن أقول لكم: إن إيليا قد جاء، وفعلوا به كل ما أرادوا كما هو مكتوب عنه.» 14 ولما رجع إلى تلاميذه رأى جمعاً كثيراً حولهم وكتبة يحاجونهم. 15 تعجب الجمع كله عندما رأوا يسوع، وركضوا في الحال لتحيته. 16 فسألهم: ما الذي تتحدثون عنه معهم؟« 17 فأجابه رجل من الجمع وقال له: يا معلم، قد جئت إليك بابني به روح أخرس. 18 حيثما يمسكه الروح، يطرحه على الأرض، فيزبد الطفل ويصرّ على أسنانه ويذبل. طلبتُ إلى تلاميذك أن يطردوه، فلم يستطيعوا. 19 »أيها الجيل غير المؤمن»، قال لهم يسوع، «إلى متى أكون معكم؟ إلى متى أحتملكم؟ قدموه إليّ».» 20 أحضروه إليها. فلما رآه، هبّ الروح فجأةً على الطفل بعنف، فسقط على الأرض وتدحرج، وزبد فمه. 21 فسأل يسوع أبا الطفل: «منذ متى أصابه هذا؟» فأجاب: «منذ كان طفلاً». 22 وكثيراً ما ألقاه الروح في النار وفي الماء ليهلكه. إن كنت تستطيع شيئاً فترحمنا وأعنّا.» 23 قال له يسوع: «إن كنت تستطيع؟ فكل شيء مستطاع للمؤمن».» 24 فصرخ والد الطفل في الحال بدموع وقال: "أنا أؤمن! تعال وأنقذني من عدم إيماني!"« 25 ولما رأى يسوع الجموع يتراكضون انتهر الروح النجس قائلا: أيها الروح الأخرس الأصم أنا آمرك: اخرج منه ولا تدخله أيضا.« 26 ثم صرخ صرخة عظيمة وهزه بشدة وخرج، فصار الطفل كالميت حتى قال كثيرون: «لقد مات».» 27 فأخذه يسوع بيده وأقامه، فقام. 28 ولما دخل البيت سأله تلاميذه على انفراد: لماذا لم نقدر نحن أن نخرج الروح؟« 29 فقال لهم: هذا النوع من الشياطين لا يخرج إلا بالصلاة والصوم.« 30 وبعدما خرجا من هناك، اجتازا الجليل، ولم يكن يسوع يريد أن يعلم أحد بذلك., 31 فإنه كان يعلم تلاميذه قائلاً لهم: إن ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه، وفي اليوم الثالث بعد موته يقوم.« 32 لكنهم لم يفهموا هذا الكلام وخافوا أن يسألوه. 33 ولما وصلوا إلى كفرناحوم، سألهم يسوع: «ماذا كنتم تتكلمون في الطريق؟» 34 لكنهم ظلوا صامتين، لأنهم في الطريق كانوا يتناقشون فيما بينهم من هو الأعظم. 35 ثم جلس ودعا الاثني عشر وقال لهم: «إن أراد أحد أن يكون أولاً، فيجب أن يكون آخر الجميع وخادماً للجميع».» 36 ثم أخذ طفلاً صغيراً ووضعه في وسطهم وقبله وقال لهم: 37 «"من قبل واحداً من هؤلاء الأطفال باسمي فقد قبلني، ومن قبلني فليس يقبلني أنا بل الذي أرسلني."» 38 فتكلم يوحنا وقال له: يا معلم، رأينا إنساناً لا يذهب معنا يخرج الشياطين باسمك، فأوقفناه. 39 «لا تمنعوه»، قال يسوع، «لأنه لا يستطيع أحد أن يصنع معجزة باسمي ثم يتكلم عني بالسوء في الحال». 40 من ليس علينا فهو معنا. 41 لأن من سقاكم كأس ماء باسمي لأنكم للمسيح فالحق أقول لكم إنه لا يضيع أجره أبدا. 42 ومن كان يعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق حول عنقه حجر الرحى ويلقى في البحر. 43 وإن كانت يدك تعثرك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تذهب إلى جهنم إلى النار التي لا تطفأ ولك يدان. 44 حيث لا يموت دودهم وحيث لا تنطفئ النار. 45 وإن كانت رجلك تعثرك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم أو النار التي لا تطفأ. 46 حيث لا يموت دودهم وحيث لا تنطفئ النار. 47 وإن كانت عينك تعثرك فاقلعها، فإنه خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور من أن تكون لك عينان وتلقى في نار جهنم., 48 حيث لا يموت دودهم وحيث لا تنطفئ النار. 49 لأن كل إنسان يُملَّح بالنار، وكل تقدمة تُملَّح بالملح. 50 الملح جيد، ولكن إذا فقد ملوحته، فكيف يُمكنك إعادته إلى ملوحته؟ حافظوا على الملح في داخلكم، وكونوا في سلام مع بعضكم البعض.»

مرقس 10

1 ولما خرج يسوع من هناك جاء إلى حدود اليهودية، في عبر الأردن، فاجتمع إليه الشعب أيضاً، وبدأ يعلمهم أيضاً كعادته. 2 فتقدم إليه الفريسيون وسألوه: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته؟ هذا كان لاختباره. 3 فأجابهم: ماذا أوصاكم موسى؟« 4 قالوا إن موسى أذن في كتابة كتاب الطلاق وتفريق زوجة الرجل.« 5 أجابهم يسوع: «من أجل قساوة قلوبكم أعطاكم هذا الناموس. 6 ولكن في بدء الخليقة خلقهما الله ذكراً وأنثى. 7 من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلازم امرأته،, 8 "ويكون الاثنان جسداً واحداً." إذن ليسا اثنين بعد، بل جسد واحد. 9 فما جمعه الله فلا يفرقه إنسان.» 10 وفيما هم في البيت سأله تلاميذه أيضاً عن هذا. 11 وقال لهم: من طلق امرأته وتزوج بأخرى فقد زنى بالأولى. 12 وإذا طلقت المرأة زوجها وتزوجت بغيره فقد زنت.» 13 فأحضروا إليه أطفالاً صغاراً ليلمسهم، فانتهر التلاميذ الذين أحضروهم. 14 فلما رأى يسوع ذلك اغتاظ وقال لهم: دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات. 15 الحق أقول لكم: من لا يقبل ملكوت الله مثل طفل فلن يدخله.» 16 ثم قبلهم وباركهم ووضع يديه عليهم. 17 وبينما كان يسوع ذاهباً إلى رحلته، ركض إليه واحد وجثا على ركبتيه أمامه وسأله: "يا معلّم الصالح، ماذا ينبغي لي أن أعمل لأرث الحياة الأبدية؟"« 18 قال له يسوع: «لماذا تدعوني صالحًا؟ ليس أحد صالحًا إلا الله وحده». 19 "أنت تعرف الوصايا: لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، امتنع عن كل غش، أكرم أباك وأمك."» 20 فأجابني: يا معلم، لقد لاحظت كل هذه الأشياء منذ شبابي.« 21 فنظر إليه يسوع وأحبه، وقال له: «يعوزك شيء واحد: اذهب وبع كل ما تملك وأعطه للفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني».» 22 ولكنه حزن من هذا القول ومضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة. 23 فنظر يسوع حوله وقال لتلاميذه: ما أصعب دخول ذوي أموال العالم إلى ملكوت الله!« 24 وبينما كان التلاميذ مندهشين من كلماته، تابع يسوع: "يا أولادي، ما أصعب على الذين يتوكلون على الأموال أن يدخلوا ملكوت الله. 25 من الأسهل أن يمر الجمل من ثقب الإبرة من أن يدخل الغني ملكوت الله.» 26 فتعجبوا أكثر وقالوا بعضهم لبعض: «فمن يستطيع أن يخلص؟» 27 فنظر إليهم يسوع وقال: «هذا غير ممكن عند الناس، ولكن ليس عند الله، لأن كل شيء مستطاع عند الله».» 28 فقال بطرس: «ها نحن قد تركنا كل شيء ونتبعك».» 29 أجاب يسوع: «الحق أقول لكم: لا يترك أحد بيته ولا إخوته ولا أخواته ولا أباه ولا أمه ولا أولاده ولا حقوله من أجلي ومن أجل الإنجيل،, 30 لكي لا ينال الآن في الزمان الحاضر مئة ضعف: بيوتاً وإخوة وأخوات وأمهات وأولاداً وحقولاً، في وسط الاضطهادات وفي العالم الآتي الحياة الأبدية. 31 وكثير من الآخرين سيكونون أولين، وكثير من الأولين سيكونون آخرين.» 32 وكانوا صاعدين إلى أورشليم، وكان يسوع يتقدمهم، فاندهشوا وتبعوه خائفين. ثم أخذ يسوع الاثني عشر أيضًا جانبًا، وبدأ يخبرهم بما سيحدث له: 33 «"ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة، فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم،, 34 فيسبونه ويبصقون عليه ويجلدونه ويقتلونه، وبعد ثلاثة أيام يقوم.» 35 فتقدم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي قائلين: يا معلم نريد أن تفعل لنا كل ما طلبنا منك. 36 "ماذا تريدون أن أفعل لكم؟" سألهم.» 37 فقالا أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك.« 38 فقال لهما يسوع: «لستما تعلمان ما تطلبان. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي سأشربها، أو أن تصطبغا بالصبغة التي سأصطبغ بها؟» 39 فأجابوا: «نستطيع». فقال لهما يسوع: «الكأس التي أشربها أنا ستشربانها، وبالصبغة التي أعتمد بها أنا ستعتمدان،, 40 وأما الجلوس عن يميني أو عن يساري فلا يجوز لي أن أمنحه إلا للذين أُعد لهم.» 41 ولما سمع العشرة هذا، غضبوا على يعقوب ويوحنا. 42 فدعاهم يسوع وقال لهم: «تعلمون أن الذين يظنون أنهم رؤساء الأمم يسودونهم، وأن العظماء يتسلطون عليهم. 43 لا ينبغي أن يكون هذا فيكم، بل من أراد أن يصير فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً., 44 ومن أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن للجميع عبداً. 45 لأن ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم،, بل ليخدم ويبذل حياته من أجل فدية الجموع. » 46 فوصلوا إلى أريحا. وفيما كان يسوع خارجًا من تلك المدينة مع تلاميذه وجمع غفير، كان ابن تيماوس، برتيماوس الأعمى، جالسًا على جانب الطريق يستعطي. 47 ولما سمع أنه يسوع الناصري، ابتدأ يصرخ: «يا يسوع ابن داود، ارحمني!» 48 وانتهره كثيرون ليسكت، لكنه صرخ أكثر قائلا: «يا ابن داود، ارحمني!» 49 فوقف يسوع وقال: «ادعُوه». فنادوه قائلين: «ثق، قم، فهو يدعوك».» 50 فخلع رداءه وقام وجاء إلى يسوع. 51 فقال له يسوع: ماذا تريد أن أفعل لك؟ فأجابه الأعمى: يا سيدي،, الذي أرى. » 52 فقال له يسوع: «اذهب، إيمانك قد خلصك». فللوقت رآه وتبعه في الطريق.

مرقس 11

1 ولما اقتربوا من أورشليم، إلى جانب بيت فاجي وبيت عنيا، نحو جبل الزيتون، أرسل يسوع اثنين من تلاميذه،, 2 قائلا لهم: اذهبوا إلى القرية التي أمامكم، وحالما تدخلونها تجدون حمارا مربوطا لم يجلس عليه أحد من الناس قط، فحلوه وأتوني به. 3 وإذا سألك أحد: "ماذا تفعل؟" أجب: "الرب يحتاج إليه، وسوف يعيده إلى هنا على الفور".» 4 ولما مضى التلاميذ وجدوا حماراً مربوطاً عند باب خارج عند منعطف الطريق، فحلوه. 5 فقال لهم بعض من كانوا هناك: ماذا تفعلون تحلون هذا الحمار؟« 6 فأجابوا كما أمرهم يسوع، فأُذن لهم. 7 فأتوا بالحمار إلى يسوع ووضعوا عليه ثيابهم، فجلس عليه يسوع. 8 فنشر كثيرون عباءاتهم على طول الطريق، وقام آخرون بقطع أغصان الأشجار ونثروها على الطريق. 9 وكان السائرون في المقدمة والذين تبعوا يهتفون: "هوشعنا! مبارك الآتي باسم الرب!" 10 مباركٌ عهدُ داودَ أبينا، الذي هو على وشكِ أن يبدأ! هوشعنا في الأعالي!» 11 ودخل أورشليم إلى الهيكل، وبعد أن رأى كل شيء، ولما كان الوقت قد أمسى، جاء إلى بيت عنيا مع الاثني عشر. 12 وفي اليوم التالي، بعد أن غادروا بيت عنيا، كان جائعًا. 13 فرأى من بعيد شجرة تين مغطاة بالورق، فاقترب منها ليرى إن كان يجد فيها أي ثمر، وعندما اقترب لم يجد إلا ورقاً، لأنه لم يكن موسم التين. 14 ثم قال للتينة: لا يأكل أحد منك ثمرا بعد إلى الأبد. هذا ما سمعه تلاميذه. 15 ولما وصلوا إلى أورشليم، دخل يسوع الهيكل وأخرج البائعين والمشترين، وقلب موائد الصيارفين وكراسي باعة الحمام., 16 ولم يسمح لأحد أن يحمل شيئاً إلى الهيكل. 17 وكان يُعلّم قائلاً: «أليس مكتوبًا: بيتي بيت صلاة يُدعى لجميع الأمم؟ وأنتم جعلتموه مغارة لصوص».» 18 ولما سمع رؤساء الكهنة والكتبة هذا، بحثوا عن طرق لإهلاكه، لأنهم خافوه، لأن كل الشعب أعجب بتعليمه. 19 ولما كان المساء خرج يسوع من المدينة. 20 ولكن لما رجع التلاميذ في الصباح الباكر رأوا التينة قد يبست من أصولها. 21 فتذكر بطرس وقال ليسوع: يا معلم انظر التينة التي لعنتها قد يبست.« 22 فأجابهم يسوع: «أؤمنوا بالله». 23 الحق أقول لكم: إن قال أحد لهذا الجبل: اذهب واطرح نفسك في البحر، وهو لا يشك في قلبه، بل يؤمن أن ما يقوله يكون، فسوف يكون له. 24 لذلك أقول لكم: كل ما تطلبونه في الصلاة، فآمنوا أن تنالوه، وسوف ترونه يحدث. 25 متى وقفتم تصلون فإن كان لكم على أحد شيء فاغفروا له، لكي يغفر لكم أيضاً أبوكم الذي في السموات خطاياكم. 26 إن لم تسامحوا، فلن يغفر لكم أبوكم الذي في السموات خطاياكم.» 27 ولما وصلوا إلى أورشليم، وبينما كان يسوع يمشي في الهيكل، تقدم إليه رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ., 28 وقال له: «بأي سلطان تفعل هذه الأمور؟ ومن أعطاك السلطان لتفعلها؟» 29 فقال لهم يسوع: «وأنا أيضا أسألكم كلمة، أجيبوني فأقول لكم بأية قوة أفعل هذا». 30 فهل كانت معمودية يوحنا من السماء أم من الناس؟ أجبني.» 31 ولكنهم كانوا يفكرون في أنفسهم: «إن أجبنا: من السماء، فيقول: فلماذا لم تؤمنوا به؟». 32 فإن قلنا: رجال. فكانوا يخافون الناس، لأنهم كانوا كلهم يعتبرون يوحنا نبياً حقيقياً. 33 فأجابوا يسوع: «لا نعلم. وأنا لا أريد أن أخبركم بأي سلطان أفعل هذه الأمور».»

مرقس ١٢

1 فابتدأ يسوع يكلمهم قائلا: الأمثال. "غرس رجل كرمًا وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برجًا ثم أجره لبعض الكرامين وسافر إلى بلاد أخرى. 2 ولما حان الوقت أرسل إلى الكرامين خادماً ليأخذ منهم نصيباً من الحصاد. 3 ولكنهم أمسكوه وضربوه وأرسلوه فارغ اليدين. 4 فأرسل إليهم عبداً آخر، فجرحوه على رأسه وشتموه. 5 فأرسل ثالثًا فقتلوه، فقتلوا أيضًا كثيرين غيره، بعضهم ضربوه، وبعضهم قتلوه. 6 وكان للسيد ابن واحد فقط، وكان عزيزًا عليه جدًا، فأرسله إليهم أخيرًا، وقال في نفسه: سوف يحترمون ابني. 7 فقال هؤلاء الكرامون بعضهم لبعض: هذا هو الوارث، هلموا نقتله فيصير لنا الميراث. 8 فأخذوه وقتلوه وأخرجوه خارج الكرم. 9 فماذا يفعل صاحب الكرم؟ يأتي ويُهلك الكرّامين ويُعطي كرمه لآخرين. 10 ألم تقرأ هذا المقطع من الكتاب المقدس: "الحجر الذي رفضه البناؤون هو الذي صار رأس الزاوية"؟ 11 "هل فعل الرب هذا وهو عجيب في أعيننا؟"» 12 فطلبوا أن يمسكوه، عالمين أنه يفكر فيهم بهذا المثل. ولكنهم خافوا من الجمع فتركوه ومضوا. 13 فأرسلوا إليه بعض الفريسيين والهيرودسيين لكي يمسكوه بكلامه. 14 فلما جاءوا إليه قالوا: «يا معلم، نعلم أنك رجل حق لا تبالي بأحد، لأنك لا تنظر إلى المظاهر بل تعلم طريق الله بالحق. أيجوز دفع الجزية لقيصر أم لا؟ هل ندفعها أم لا؟» 15 فعرف خيانتهم، فقال لهم: «لماذا تغريونني؟ ايتوني بدينار لأرى».» 16 فأتوا به فقال لهم: «لمن هذه الصورة والكتابة؟» فقالوا: «لقيصر». 17 فأجابهم يسوع وقال لهم: «أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله». فبهتوا منه دهشة عظيمة. 18الصدوقيون الذين ينكرون القيامة, ثم اقتربوا منه وسألوه هذا السؤال: 19 «"يا معلم، لقد وصف لنا موسى أنه إذا مات أخ وترك امرأة بدون أطفال، يجب على أخيه أن يأخذ امرأته ويربي أطفالاً لأخيه. 20 وكان هناك سبعة إخوة، الأول تزوج امرأة ومات دون أن يترك أطفالاً. 21 ثم أخذها الرجل الثاني ومات هو الآخر دون أن يترك أطفالاً. وحدث الشيء نفسه للثالث., 22 فأخذها كل واحد من السبعة ولم يتركوا ولدًا، وبعدهم ماتت المرأة أيضًا. 23 حسنا، في القيامة, "وعندما يقومون، لمن ستكون زوجة؟ لأنها كانت زوجة لكل سبعة."» 24 فأجابهم يسوع: «أليس أنتم في ضلال لأنكم لا تفهمون الكتب ولا قوة الله؟ 25 لأنه بعد القيامة من بين الأموات، لا يتزوج الرجال، ولا نحيف أزواجهم، لكنهم مثل الملائكة في السماء. 26 ولمس القيامة أما قرأتم في كتاب موسى عند مرور العليقة المشتعلة ما قاله الله له: أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب؟ 27 فهو ليس إله الموتى،, لكن الناس الأحياء. إذن أنت مخطئ تماما.» 28 فسمع أحد الكتبة هذا الحديث، فلما رأى أن يسوع أجاب حسنًا، تقدم إليه وسأله: «ما هي أول الوصايا؟» 29 أجابه يسوع: «إن أول كل شيء هو هذا: اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد. 30 فأحبب الرب إلهك بكل قلبك، وبكل نفسك، وبكل فكرك، وبكل قدرتك. هذه هي الوصية الأولى. 31 والثاني مشابه له: تحب قريبك كنفسك. لا توجد وصية أعظم من هذه.» 32 فقال له الكاتب: حسنًا يا معلم، لقد قلت الحق، إن الله واحد وليس آخر سواه،, 33 "وأن نحبه بكل القلب، وبكل الفكر، وبكل القوة، وأن نحب قريبنا كالنفس، هو أعظم من جميع المحرقات والذبائح."» 34 فلما رأى يسوع أنه أجاب بحكمة، قال له: «لست بعيداً عن ملكوت الله». ولم يجرؤ أحد أن يسأله شيئاً بعد. 35 وأما يسوع فاستمر يعلم في الهيكل وقال: كيف يقول الكتبة إن المسيح هو ابن داود؟ 36 لأن داود نفسه يتكلم هكذا بالروح القدس: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك. 37 وداود نفسه يدعوه ربا فكيف يكون ابنه؟ وكان الجمع الكثير يستمتع بسماعه. 38 وقال لهم أيضًا في تعليمه: "احذروا من الكتبة الذين يحبون المشي بالثياب الطويلة، وتلقي التحيات في الساحات العامة،, 39 أفضل المقاعد في المجامع وأفضل الأماكن في الولائم: 40 إن الذين يأكلون بيوت الأرامل ويقدمون صلوات طويلة بشكل متباهٍ سوف يعانون من إدانة أشد.» 41 وجلس يسوع تجاه الصندوق ولاحظ كيف كان الناس يلقون فيه المال، وكان كثير من الأغنياء يلقون فيه مبالغ كبيرة. 42 جاءت أرملة فقيرة ووضعت فلسين صغيرين، مجموع قيمتهما ربع شلن. 43 ثم دعا يسوع تلاميذه وقال لهم: «الحق أقول لكم: إن هذه الأرملة الفقيرة ألقت في الخزانة أكثر من الجميع. 44 لأنهم جميعًا ساهموا من فائضهم، ولكن هذه المرأة أعطت من فقرها، كل ما تملك، كل ما كان لديها للعيش.»

مرقس 13

1 وفيما هو خارج من الهيكل، قال له واحد من تلاميذه: «يا معلم، انظر إلى هذه الحجارة وهذه الأبنية!» 2 أجابه يسوع: «أترى هذه الأبنية العظيمة؟ لن يبقى فيها حجر على حجر، بل يُهدم جميعها».» 3 ولما جلس على جبل الزيتون تجاه الهيكل، سأله بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس على انفراد: 4 «"أخبرنا متى سيحدث هذا وما هي العلامة التي تدل على أن كل هذه الأمور على وشك أن تتحقق؟"» 5 فأجابهم يسوع وابتدأ يتكلم قائلا: انظروا لا يضلكم أحد. 6 فإنه سيأتي كثيرون باسمي قائلين: أنا هو المسيح، ويضلون كثيرين. 7 عندما تسمعون بحروب وبأخبار حروب فلا ترتاعوا، لأنه لا بد أن تكون هذه، ولكن ليس المنتهى بعد. 8 ستثور شعوب على شعوب، وممالك على ممالك، وستحدث زلازل في أماكن مختلفة، وستحدث مجاعات. وستكون هذه بداية آلام المخاض. 9 احذروا، ستُساقون إلى المحاكم والمجامع، وهناك تُضربون، وستُحاكمون أمام الولاة والملوك من أجلي، لتشهدوا لي أمامهم. 10 ينبغي أن يُكرز بالإنجيل أولاً لجميع الأمم. 11 لذلك، عندما تُقدَّمون أمامهم، لا تفكروا مسبقًا فيما ستقولونه، بل قولوا ما يُعطى لكم في تلك الساعة، لأن ليس أنت المتكلم، بل الروح القدس. 12 ويسلم الأخ أخاه إلى الموت، والأب ابنه، ويقوم الأبناء على والديهم ويقتلونهم. 13 و وسوف يبغضكم الجميع بسبب اسمي. ولكن الذي يصبر إلى النهاية فهذا يخلص. 14 "فمتى رأيتم رجسة الخراب قائمة حيث لا ينبغي، فليفهم القارئ، وحينئذ فليهرب إلى الجبال الذين في اليهودية.". 15 والذي على السطح فلا ينزل إلى البيت ولا يدخل ليأخذ من الخارج شيئا. 16 ومن ذهب إلى حقله فلا يرجع ليأخذ ثوبه. 17 ولكن الويل للحامل والمرضعة في تلك الأيام. 18 صلوا لكي لا تحدث هذه الأشياء في الشتاء. 19 لأنه في تلك الأيام تكون ضيقات لم تكن مثلها منذ ابتداء العالم الذي خلقه الله إلى الآن، ولن تكون أيضا. 20 ولو لم يقصّر الرب تلك الأيام لم يخلص أحد، ولكنه قصّرها لأجل المختارين الذين اختارهم. 21 إذا قال لك أحد: "المسيح هنا"، أو "المسيح هناك"، فلا تصدقه. 22 لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويصنعون آيات ومعجزات، لكي يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً. 23 من أجلك، احذر. لقد أخبرتك بكل شيء مسبقًا. 24 "ولكن في تلك الأيام، بعد هذا الضيق، ستظلم الشمس، والقمر لن يعطي ضوءه،, 25 وتسقط نجوم السماء، وتتزعزع القوات التي في السماء. 26 ثم نرى ابن الإنسان آتيا في السحاب بقوة عظيمة ومجد عظيم. 27 "ثم يرسل ملائكته ليجمعوا مختاريه من الأربع الرياح، من أقاصي الأرض إلى أقاصي السماء.". 28 استمع إلى هذه المقارنة بين شجرة التين: بمجرد أن تصبح أغصانها طرية وتخرج أوراقها، تعرف أن الصيف قريب. 29 لذا،, عندما ترى هذه الأشياء تحدث, واعلموا أن ابن الإنسان قريب، وأنه على الباب. 30 الحق الحق أقول لكم: لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله. 31 السماء والأرض تزولان، ولكن كلامي لا يزول أبدًا. 32 وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا أحد يعلمهما ولا الملائكة في السماء ليس الابن، بل الآب وحده. 33 احذروا، اسهروا وصلّوا، لأنكم لا تعلمون متى يأتي الوقت. 34 هكذا رجل خرج من بيته ليسافر، وسلم السلطان إلى عبيده ووزع على كل واحد عمله، ثم أمر البواب أن يحرس. 35 لذلك اسهروا لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت، أفي المساء أم في منتصف الليل أم عندما يصيح الديك أم في الصباح., 36 لئلا يأتي بغتة فيجدكم نائمين. 37 ما أقوله لكم أقوله للجميع: شاهدوا.»

مرقس 14

1 وكان عيد الفصح وعيد الفطير سيحلان بعد يومين، وكان رؤساء الكهنة والكتبة يبحثون عن طرق للقبض على يسوع بمكر ليقتلوه. 2 «ولكن قالوا لا ينبغي أن يكون ذلك في العيد لئلا يكون شغب في الشعب».» 3 وبينما كان يسوع في بيت عنيا، عند سمعان الأبرص، دخلت امرأة وهو متكئ، ومعها قارورة طيب ناردين خالص غالي الثمن، فكسرت القارورة وسكبت الطيب على رأسه. 4أعرب عدد من الحاضرين عن استيائهم: "لماذا نضيع هذا العطر بهذا الشكل؟" 5 »كان يمكن أن نبيعه بأكثر من ثلاثمائة دينار ونعطيه للفقراء». فغضبوا عليها. 6 فقال يسوع: «اتركوها وشأنها. لماذا تزعجونها؟ لقد أحسنت إليّ». 7 لأنك لديك دائما الفقراء معك، ومتى شئت، يمكنك أن تفعل لهم الخير، ولكنك لا تملكني دائمًا. 8 لقد فعلت هذه المرأة ما بوسعها، فقد قامت بتحنيط جسدي مسبقًا للدفن. 9 »الحق أقول لكم: حيثما يُكرز بهذا الإنجيل في كل العالم، يُخبر أيضاً بما فعلته هذه، إحياءً لذكراها».» 10 فذهب يهوذا الإسخريوطي، أحد الاثني عشر، إلى رؤساء الكهنة ليسلمه. 11 وبعد أن سمعوا ذلك، كانوا في مرح ووعده أن يعطيه مالاً. وكان يهوذا ينتظر فرصة مواتية لسلمته. 12 في اليوم الأول من عيد الفطير، عندما كان يتم ذبح خروف الفصح، قال تلاميذه ليسوع: "إلى أين تريد أن نذهب ونعد لك عشاء الفصح؟"« 13 فأرسل اثنين من تلاميذه وقال لهما: اذهبا إلى المدينة، فستلاقيان رجلاً حامل جرة ماء، فاتبعاه،, 14 وحيث يدخل فقولا لصاحب البيت: يقول لك المعلم: أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي؟ 15 وسيظهر لك قاعة اجتماعات كبيرة ومفروشة وجاهزة: قم بالتحضيرات لنا هناك.» 16 وأما تلاميذه فخرجوا وجاءوا إلى المدينة، فوجدوا كما قال لهم، فأعدوا الفصح. 17 وفي ذلك المساء، جاء يسوع مع الإثني عشر. 18 وبينما هم على المائدة يأكلون، قال يسوع: «الحق أقول لكم: إن واحداً منكم سيسلمني، الذي يأكل معي».» 19 فبدأوا يحزنون ويقولون له واحدا بعد واحد: هل أنا هو؟« 20 فأجابهم: «هو واحد من الاثني عشر، الذي يضع يده معي في الصحفة». 21 أما ابن الإنسان، فسيمضي كما هو مكتوب عنه. ولكن ويلٌ لذلك الرجل الذي يُسلَّم ابن الإنسان على يده! كان خيرًا له لو لم يُولد.» 22 وفي أثناء العشاء، أخذ يسوع الخبز، وبعد أن بارك، كسره وأعطاهم، قائلاً: «خذوه، هذا هو جسدي».» 23 ثم أخذ الكأس وشكر وأعطاهم إياها، فشربوا منها كلهم. 24وقال لهم: «هذا هو دمي، دم العهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين. 25 الحق أقول لكم: إني لا أشرب بعد من نتاج الكرمة إلى ذلك اليوم حينما أشربه جديداً في ملكوت الله.» 26 وبعد غناء الترنيمة ذهبوا إلى جبل الزيتون. 27 ثم قال لهم يسوع: «في هذه الليلة أجعلكم جميعا مشككين، لأنه مكتوب: أني أضرب الراعي، فتتبدد الخراف». 28 ولكن بعد قيامتي أكون لكم قائداً في الجليل.» 29 فقال له بطرس: «لو كنت أعثرت الجميع، فلن أعثرني أنا».» 30 قال له يسوع: «الحق أقول لك: إنك في هذه الليلة قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات».» 31 فأصرّ بطرس أشدّ: «حتى لو اضطررتُ إلى الموت معك، فلن أنكرك». فقالوا كلهم نفس الشيء. 32 فجاءوا إلى مكان يقال له جثسيماني، فقال لتلاميذه: «اجلسوا هنا حتى أصلي».» 33 وبعد أن أخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا، بدأ يشعر بالخوف والضيق. 34 فقال لهم: «نفسي حزينة حتى الموت، امكثوا هنا واسهروا».» 35 وبعد أن تقدم قليلاً، ألقى بنفسه على الأرض وصلى أن تمر هذه الساعة عنه إذا أمكن. 36 وقال: «يا أبا الآب، كل شيء مستطاع لك. ولكن اصرف عني هذه الكأس. ولكن لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك».» 37 ثم جاء فوجد تلاميذه نائمين، فقال لبطرس: يا سمعان، أنت نائم؟ ما كان بإمكانك أن تسهر ساعة واحدة. 38 اسهروا وصلّوا لئلا تقعوا في تجربة. الروح نشيط، أما الجسد فضعيف.» 39 ثم ذهب أيضًا وصلى قائلاً نفس الكلمات. 40 ثم رجع فوجدهم نائمين، إذ كانت أعينهم ثقيلة، ولم يعرفوا بماذا يجيبونه. 41 ثم عاد ثالثة وقال لهم: «ناموا الآن واستريحوا. كفى! لقد أتت الساعة، هوذا ابن الإنسان يُسلَّم إلى أيدي الخطاة». 42 "قم، تعال، الذي يخونني قريب من هنا."» 43 وفي تلك الأثناء، بينما هو يتكلم، وصل يهوذا، أحد الاثني عشر، ومعه جيش عظيم مسلح بالسيوف والهراوات، أرسله رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ. 44 لقد أعطاهم الخائن هذه العلامة: "الذي أقبله هو هذا، أمسكوه وخذوه بعيدًا تحت الحراسة".« 45 ولما وصل تقدم إلى يسوع وقال: يا معلم وقبله. 46 وألقى الآخرون أيديهم عليه وألقوا القبض عليه. 47 فاستل واحد من الحاضرين سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه. 48 فقال لهم يسوع: كأنكم على لص خرجتم بسيوف وهراوات لتأخذوني. 49 "وكنت كل يوم بينكم أعلم في الهيكل ولم تمسكوني. ولكن لكي تتم الكتب."» 50 فتركه جميع تلاميذه وهربوا. 51 وكان يتبعه شاب لا يغطيه إلا غطاء، فأمسكوا به., 52 ولكنه ترك الغطاء وهرب عارياً تماماً. 53 فأخذوه إلى رئيس الكهنة، حيث اجتمع جميع رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ. 54 وتبعه بطرس من بعيد حتى دخل دار رئيس الكهنة، وجلس مع الخدم عند النار يتدفأ. 55 ولكن رؤساء الكهنة والمجمع كله كانوا يطلبون دليلاً على يسوع ليقتلوه، فلم يجدوا. 56 فقد شهد عليه عدة أشخاص زوراً، ولكن الشهادات لم تتفق. 57 وأخيراً قام قوم وشهدوا عليه زوراً: 58 «"فسمعناه يقول: سأنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي، وفي ثلاثة أيام أبني آخر غير مصنوع بالأيادي."» 59 ولكن حتى في هذه النقطة لم تتفق شهاداتهم. 60 فقام رئيس الكهنة ودخل في وسطهم وسأل يسوع قائلاً: «أليس لديك ما تقوله بشأن ما يشتكيه هؤلاء عليك؟» 61 فسكت يسوع ولم يُجب. فسأله رئيس الكهنة أيضًا وقال: «أأنت المسيح ابن المبارك؟» 62 قال له يسوع: «أنا هو، وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القدير وآتياً في سحاب السماء».» 63 فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال: ما حاجتنا إلى شهود؟ 64 »لقد سمعتم التجديف، ماذا تعتقدون فيه؟» فأعلنوا جميعاً أنه يستحق الموت. 65 فأخذ قوم منهم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويضربونه بقبضاتهم قائلين له: «أخمن». وكان الحراس يضربونه بشدة. 66 وبينما كان بطرس في الدار السفلى، جاءت إحدى جواري رئيس الكهنة،, 67 ولما رأت بطرس يستدفئ، نظرت إليه وقالت: وأنت كنت مع يسوع الناصري.« 68 فأنكر ذلك قائلاً: «لا أعرف ولا أفهم ما تقول». ثم مضى حتى وصل إلى الدهليز، فصاح الديك. 69 وعندما رأته الخادمة مرة أخرى، بدأت تقول للحاضرين: "هناك واحد من هؤلاء الأشخاص".« 70 فأنكر أيضًا. وبعد قليل قال الحاضرون لبطرس: «لا بد أنك منهم، لأنك جليلي».» 71 ثم بدأ يلعن ويحلف قائلا: "أنا لا أعرف الرجل الذي تتحدث عنه".« 72 وللوقت صاح الديك للمرة الثانية. فتذكر بطرس الكلام الذي قاله له يسوع: «قبل أن يصيح الديك مرتين، تنكرني ثلاث مرات». فبكى.

مرقس 15

1 وفي الصباح الباكر، عقد رؤساء الكهنة مجمعًا مع الشيوخ والكتبة وكل أعضاء المجلس. وبعد أن قيدوا يسوع، مضوا به وسلموه إلى بيلاطس. 2 فسأله بيلاطس: «أنت ملك اليهود؟» فأجابه يسوع: «أنت تقول ذلك».» 3 ولما قدم إليه رؤساء الكهنة اتهامات مختلفة،, 4 فسأله بيلاطس أيضًا قائلاً: «أما تجيب بشيء؟ انظر كم يشتكون عليك».» 5 ولكن لم يجب يسوع بشيء آخر، حتى تعجب بيلاطس. 6 وكان في كل عيد فصح يطلق لهم سجيناً هو الذي طلبوه. 7 ومع ذلك، كان هناك في سجن الرجل المسمى باراباس، مع رجال الفتنة وشركائه، بسبب جريمة قتل ارتكبوها أثناء الفتنة. 8 وبعد أن تجمع الحشد، بدأ يطالب بما يمنحه لهم دائمًا. 9 فأجابهم بيلاطس: «أتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود؟» 10 لأنه علم أن رؤساء الكهنة أسلموه حسداً. 11 ولكن البابا حرض الشعب لكي يطلقوا باراباس بدلاً من ذلك. 12 ثم تكلم بيلاطس أيضاً وقال لهم: «فماذا تريدون أن أفعل بالذي تدعونه ملك اليهود؟» 13 فصرخوا أيضًا: «أصلبه!» 14فقال لهم بيلاطس: «ولكن ماذا فعل هذا؟» فصرخوا بصوت أعلى: «اصله!».» 15 وأما بيلاطس، إذ أراد أن يرضي الشعب، فأطلق لهم باراباس، وبعد أن جلد يسوع أسلمه ليصلب. 16 وأدخل الجنود يسوع إلى الدار، أي إلى دار الولاية، واستدعوا الكتيبة كلها. 17 وألبسوه الأرجوان، وتوجوا رأسه بإكليل من شوك كانوا قد ضفروا. 18 ثم ابتدأوا يحيونه قائلين: السلام عليك يا ملك اليهود.« 19 فضربوه على رأسه بقصبة وبصقوا عليه ثم سجدوا له جثوا على ركبهم. 20 وبعد أن استهزأوا به هكذا، خلعوا عنه ثوبه الأرجواني وألبسوه ثيابه ومضوا به ليصلبوه. 21 وكان رجل من القيروان اسمه سمعان أبو ألكسندر وروفس، عائداً من الحقل، فطلبوا منه أن يحمل صليب يسوع., 22 أنها تؤدي إلى المكان الذي يدعى الجلجثة، والذي يترجم إلى: مكان الجمجمة. 23 وأعطوه خمراً ممزوجة بمر ليشرب، فلم يقبل. 24 وبعد أن صلبوه، اقتسموا ثيابه بينهم مقترعين عليها ماذا يأخذ كل واحد. 25 وكانت الساعة الثالثة حين صلبوه. 26 وكان النص الذي يشير إلى سبب إدانته هو: "ملك اليهود".« 27 وصلبوا معه لصين واحداً عن يمينه والآخر عن يساره. 28 وهكذا تم الكتاب القائل: "وأحصي مع أثمة".« 29 وكان المارة يهزون رؤوسهم قائلين: آه، أيها الذي يهدم الهيكل ويبنيه في ثلاثة أيام،, 30 أنقذ نفسك وانزل عن الصليب.» 31 فسخر به رؤساء الكهنة والكتبة فيما بينهم وقالوا: «خلص آخرين وأما نفسه فلا يقدر أن يخلصها». 32 "فلينزل الآن المسيح ملك إسرائيل عن الصليب، حتى نرى ونؤمن." حتى المصلوبان معه أهانوه. 33 وفي الساعة السادسة، أظلمت الظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة. 34 وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم: «إلوي، إلوي، لما شبقتني». أي: «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟» 35 فسمع قوم من الحاضرين فقالوا: هوذا ينادي إيليا.« 36 فركض واحد منهم وملأ اسفنجة من الخل ووضعها على طرف قصبة وسقاه وقال له: اتركها فنرى هل يأتي إيليا وينزله.« 37 ولكن يسوع صرخ بصوت عظيم ومات. 38 وانشق حجاب القدس إلى اثنين من فوق إلى أسفل. 39 وأما قائد المئة الذي كان واقفا تجاه يسوع فلما رأى أنه مات بهذه الصرخة قال: «حقا كان هذا الإنسان ابن الله».» 40 وكان هناك أيضًا نساء يراقبن من بعيد، ومن بينهن مريم المجدلية،, متزوج, ، والدة يعقوب الصغير، ويوسف، وسالومي،, 41 الذين سبقوا وخدموه حين كان في الجليل، وكثيرون آخرون صعدوا معه إلى أورشليم. 42 ولما جاء المساء، وكان يوم الاستعداد، أي عشية السبت،, 43 ثم وصل يوسف الرامي، وكان عضوًا محترمًا في السنهدريم، وكان هو الآخر ينتظر ملكوت الله. فذهب بشجاعة إلى بيلاطس ليطلب جسد يسوع. 44 ولكن بيلاطس تعجب من موته السريع، فاستدعى قائد المئة وسأله: هل كان على يسوع زمان طويل وهو ميت؟. 45 وبناء على تقرير قائد المئة، أعطى الجسد ليوسف. 46 فاشترى يوسف قطعة من كتان، وأنزل يسوع، ولفه بالمنديل، ووضعه في قبر منحوت في صخرة، ودحرج حجراً على باب القبر. 47 أو مريم المجدلية و متزوج, وكانت أم يوسف تنظر إلى المكان الذي وُضِع فيه.

مرقس 16

1 ولما انتهى السبت، مريم المجدلية،, متزوج, اشترت مريم أم يعقوب وسالومة حنوطاً لتذهب وتدهن يسوع. 2 وفي أول الأسبوع، في الصباح الباكر جداً، أتين إلى القبر، وقد طلعت الشمس. 3 فقال بعضهم لبعض: من يرفع الحجر عن باب القبر؟« 4 فرفعوا أعينهم فرأوا الحجر قد دحرج، وكان عظيماً جداً. 5 ولما دخلن القبر رأين شاباً جالساً عن اليمين لابساً ثوباً أبيض، فأخذهن خوف شديد. 6 فقال لهم: لا تنزعجوا. أنتم تطلبون يسوع الناصري المصلوب. لقد قام. ليس هو ههنا. انظروا الموضع الذي وضعوه فيه. 7 "ولكن اذهبوا وقولو لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل. هناك ترونه كما قال لكم".» 8 فخرجن في الحال من القبر وهربن، لأن الرعدة والحيرة أخذتاهن، ولم يقلن لأحد شيئاً من أجل خوفهن. 9 "فقام يسوع في صباح أول الأسبوع وظهر أولاً لمريم المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين،, 10 فذهبت وأخبرت الذين كانوا معه، فحزنوا وبكوا. 11 ولما سمعوا أنه حي وأنها رأته لم يصدقوها. 12 ثم ظهر يسوع بهيئة أخرى لاثنين منهم وهما منطلقان إلى الحقل. 13 ثم عادوا ليخبروا الآخرين، الذين لم يصدقوهم أيضًا. 14 وبعد ذلك ظهر للأحد عشر أنفسهم وهم على المائدة ووبخهم على عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم، إذ لم يصدقوا الذين رأوه بعد قيامته. 15 ثم قال لهم: اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. 16 من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدان. 17 وهنا المعجزات الذين سيرافقون المؤمنين، ويخرجون الشياطين باسمي، ويتكلمون بألسنة جديدة،, 18 فيلتقطون الحيات، وإذا شربوا سمًا قاتلًا لا يضرهم، ويضعون أيديهم على المرضى والجرحى. المرضى سيتم شفاءه.» 19 وبعد أن كلمهم بهذه الطريقة ارتفع الرب يسوع إلى السماء وجلس عن يمين الله. 20 وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان، وكان الرب يعمل معهم ويثبت كلامهم بإيمان. المعجزات الذين رافقوه.

نسخة روما للكتاب المقدس
نسخة روما للكتاب المقدس
يضم الكتاب المقدس في روما الترجمة المنقحة لعام 2023 التي قدمها الأباتي أ. كرامبون، والمقدمات والتعليقات التفصيلية للأباتي لويس كلود فيليون على الأناجيل، والتعليقات على المزامير للأباتي جوزيف فرانز فون أليولي، بالإضافة إلى الملاحظات التوضيحية للأباتي فولكران فيجورو على الكتب الكتابية الأخرى، وكلها محدثة بواسطة أليكسيس مايلارد.

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً