الفصل الأول
1بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله.
2 كما هو مكتوب في سفر إشعياء النبي: ها أنا أرسل ملاكي أمامكم ليهيئ لكم الطريق.
3 صوت ينادي في البرية: أعدوا طريق الرب، اجعلوا سبله مستقيمة.«
4 وظهر يوحنا وهو يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا.
5 فجاء إليه كل كورة اليهودية وجميع سكان أورشليم، واعترفوا بخطاياهم، وقبلوا منه المعمودية في نهر الأردن.
6 وكان يوحنا يلبس وبر الإبل، وعلى حقويه منطقة من جلد، ويأكل الجراد والعسل البري، وكان يكرز قائلا:
7 يأتي بعدي من هو أقوى مني، والذي لست أهلاً أن أنحني وأحل سيور حذائه.
8 أنا عمدتكم بالماء، وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس.«
9 وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن.
10 ولما صعد من الماء رأى السماوات قد انشقت والروح قد انفتح.-القديس تنزل عليه كالحمامة.
11 وجاء صوت من السماء قائلا: أنت ابني الحبيب الذي به سررت.»
12 وللوقت أخرج الروح يسوع إلى البرية.
13 ومكث هناك أربعين يوما يجربه الشيطان وكان بين الوحوش. الملائكة لقد خدموه.
14 وبعد أن أُلقي يوحنا في سجن, وجاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله.
15 فقال: »قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل«.«
16 وفيما هو يمشي على شاطئ بحر الجليل رأى سمعان وأندراوس أخاه يلقيان الشبكة في البحر، فإنهما كانا صيادين.
17 فقال لهما يسوع: »تعاليا اتبعاني فأجعلكما صيادي الناس«.«
18 فللوقت تركوا شباكهم وتبعوه.
19 وبعد قليل رأى يعقوب بن زبدي ويوحنا أخاه وهما في السفينة يصلحان الشباك.
20 فدعاهم للوقت، وتركوا أباهم زبدي في السفينة مع الجنود وتبعوه.
21 ثم جاءوا إلى كفرناحوم. وفي السبت الأول دخل يسوع المجمع وابتدأ يعلم.
22 فبهتوا من تعليمه، لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة.
23 وكان في مجمعهم رجل به روح نجس، وكان يصرخ:
٢٤ »ما لنا ولك يا يسوع الناصري؟ أتيتَ لتهلكنا! أنا أعرفك، قدوس الله«.«
25 ولكن يسوع هدده وقال له: »اصمت واخرج منه!«
26 فصرعه الروح النجس صراخا عظيما وخرج منه.
27 فدهشوا كلهم، وسأل بعضهم بعضًا: »ما هذا؟ ما هذا التعليم الجديد؟ فهو يسود حتى على الأرواح النجسة، وهي تطيعه«.«
28 فخرج خبره في الحال في كل كورة الجليل المحيطة.
29 فخرجا من المجمع وجاءا للوقت إلى بيت سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا.
30 وكانت حماة سمعان مضطجعة محمومة، فأخبروا يسوع عنها في الحال.
31 فتقدم إليها وأقامها ماسكاً بيدها، وفي تلك الساعة تركتها الحمى، فخدمتهم.
32 وفي المساء بعد غروب الشمس أحضروا له كل شيء. المرضى والشياطين,
33 وكانت المدينة كلها تزدحم أمام الباب.
34 فشفى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة، وأخرج شياطين كثيرة، ولكنه لم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوه.
35 وفي الغد، قام قبل طلوع الفجر بكثير، وخرج ومضى إلى موضع خلاء، وكان يصلي هناك.
36 فجاء سمعان والذين معه يطلبونه.;
37ولما وجدوه قالوا له: »الجميع يطلبونك«.«
38 فأجابهم: »لنذهب إلى القرى المجاورة لكي أكرز هناك أيضاً، لأني لهذا خرجت«.«
39 وكان يكرز في مجامعهم ويجول في كل الجليل ويخرج الشياطين.
40 فجاء إليه رجل أبرص، وسقط على ركبتيه، وقال له بصوت متوسل: »إن أردت فأنت قادر على شفائي«.«
41 فتحنن يسوع ومد يده ولمسه وقال: »أريد، فأشفى«.«
42 فللوقت وهو يتكلم ذهب البرص من ذلك الإنسان فشُفي.
43 فصرفه يسوع في الحال وقال له بصوت صارم:
44 »احترزوا من أن تخبروا أحداً، بل اذهبوا أروا أنفسكم للكاهن، وقدموا عن شفائكم ما أمر به موسى، لتشهدوا عليه أمام الشعب«.«
45 وأما هذا فمضى وابتدأ يخبر وينادي في كل مكان بما كان، حتى لم يعد يقدر أن يدخل مدينة ظاهرا، بل كان يبقى خارجا في مواضع خالية، وكان الناس يأتون إليه من كل جانب.
الفصل الثاني
1 وبعد أيام رجع يسوع إلى كفرناحوم.
2ولما سمع الناس أنه في البيت اجتمع جمع غفير حتى لم يجدوا مكانا حتى عند الباب، فبشرهم بالكلمة.
3 ثم قدموا إليه مفلوجًا يحمله أربعة رجال.
4ولما لم يستطيعوا أن يأتوا إليه بسبب الجمع، كشفوا السقف حيث كان، وأنزلوا من الفتحة السرير الذي كان المفلوج مضطجعاً عليه.
5فلما رأى يسوع إيمانهم، قال للمفلوج: »يا ابني، مغفورة لك خطاياك«.«
6وكان بعض الكتبة جالسين هناك يفكرون في قلوبهم قائلين:
٧ »كيف يتكلم هذا الرجل هكذا؟ إنه يجدف. من يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده؟«
8 فللوقت علم يسوع بروحه أنهم يفكرون بهذا في قلوبهم، فقال لهم: »لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم؟
9 أيهما أيسر أن يقال للمفلوج: مغفورة لك خطاياك، أم أن يقال له: قم واحمل فراشك وامش؟
10 ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا،,
11 وقال للمفلوج: «أنا آمرك: قم واحمل فراشك واذهب إلى بيتك».«
12 فقام في الحال وحمل فراشه وخرج أمام الجميع، حتى بهت كل الجموع ومجدوا الله قائلين: »ما رأينا قط مثل هذا!«
13 وخرج يسوع أيضا إلى البحر، فأتى إليه جميع الشعب، فكان يعلمهم.
14 وفيما هو مجتاز رأى لاوي بن حلفى جالسا عند مكان الجباية، فقال له: »اتبعني». فقام لاوي وتبعه.
15 وفيما كان يسوع متكئاً في بيت ذلك الرجل، كان كثيرون من العشارين والخطاة يأكلون معه ومع تلاميذه، لأن كثيرين كانوا يتبعونه.
16 فلما رآه الكتبة والفريسيون يأكل مع الخطاة والعشارين، قالوا لتلاميذه: »لماذا يأكل معلمكم ويشرب مع الخطاة والعشارين؟«
17 فلما سمع يسوع هذا قال لهم: »ليس الأصحاء هم الذين يحتاجون إلى طبيب بل المرضى. لم آتِ لأدعو أبرارًا بل لأدعو تلاميذه. الصيادين.«
١٨ وكان تلاميذ يوحنا والفريسيون يصومون، فجاءوا إليه وقالوا: »لماذا يصوم تلاميذ يوحنا والفريسيون، وأما تلاميذك فلا يصومون؟«
19 أجابهم يسوع: »هل يستطيع أهل العريس أن يصوموا والعريس معهم؟ ما دام العريس معهم فلا يستطيعون أن يصوموا.
20 ولكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون في تلك الأيام.
21 لا أحد يخيط رقعة من ثوب جديد على ثوب عتيق، وإلا فإن الرقعة الجديدة تنفصل عن العتيق، فيصير الخرق أسوأ.
22 ولا يجعل أحد خمرًا جديدة في زقاق عتيقة، لئلا تشق الخمر الزقاق وتنسكب، فتتلف الزقاق. بل يجب أن توضع خمر جديدة في زقاق جديدة.«
23 وفي أحد السبت كان يسوع يمشي بين الزروع، فأخذ تلاميذه يقطفون سنابل.
24 فقال له الفريسيون: »انظر! لماذا يفعلون ما لا يحل في السبت؟«
25 فأجابهم: »أما قرأتم قط ما فعله داود حين احتاج هو وأصحابه وجاعوا؟
26 كيف دخل بيت الله في أيام أبياثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة، وأعطى أيضاً للذين كانوا معه؟«
27 وقال لهم أيضاً: »إن السبت جُعل لأجل الإنسان، ولا الإنسان لأجل السبت.;
28 لذلك فإن ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً.«
الفصل الثالث
1 ولما دخل يسوع المجمع أيضا، كان هناك رجل يده يابسة.
2 وكانوا يراقبونه هل يشفيه في السبت، لكي يشتكوا عليه.
3 فقال يسوع للرجل الذي يده يابسة: »قف هنا في الوسط».;
4ثم قال لهم: »هل يحل في السبت فعل الخير أم فعل الشر، تخليص نفس أم قتلها؟» ولبثوا صامتين.
5 فنظر إليهم بغضب، وحزن على عمى قلوبهم، وقال للرجل: »مد يدك». فمدها، فعادت يده صحيحة.
6 فخرج الفريسيون للوقت وتشاوروا مع الهيرودسيين ليهلكوه.
7 ثم انصرف يسوع مع تلاميذه إلى البحر، وتبعه جمع كثير من الجليل واليهودية،,
٨ومن أورشليم، ومن أدوم، ومن عبر الأردن، ومن جوار صور وصيدا، إذ سمعوا بما صنع، أتوا إليه بجموع كثيرة.
9 وقال لتلاميذه أن تكون له سفينة في كل حين جاهزة، لئلا يضيق عليه الجمع.
10 لأنه بينما كان يشفي كثيرين، كان كل من كان به مرض ما يركض إليه ليلمسه.
11 فلما رأته الأرواح النجسة خرّت أمامه وصرخت قائلة:
12 »أنت ابن الله». ولكنه حذرهم تهديدا شديدا أن لا يظهروا هو.
13 ثم صعد إلى الجبل ودعا الذين أرادهم هو فأتوا إليه.
14 فعيّن اثني عشر ليكونوا معه ويرسلهم للتبشير،,
15 مع القدرة على شفاء الأمراض وطرد الشياطين.
16 وأعطى سمعان لقب بطرس.;
17 ثم هو يختار يعقوب بن زبدي ويوحنا أخو يعقوب الذي أعطاه لقب بوانرجس أي ابني الرعد.;
18 أندراوس، فيلبس، برثولماوس، متى، توما، يعقوب بن حلفى، تداوس، سمعان الغيور،,
19 ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه.
20 ثم رجعوا إلى البيت، فاجتمع الجمع أيضاً هناك، حتى لم يستطيعوا أن يأكلوا طعامهم.
21 فلما سمع والداه هذا الكلام، جاءا ليمسكاه، لأنهما قالا: »إنه مختل عقلياً«.«
22 ولكن الكتبة الذين جاءوا من أورشليم قالوا: »إن فيه بعلزبول، وهو برئيس الشياطين يخرج الشياطين«.«
23 فدعاهم يسوع وقال لهم مثلا: »كيف يقدر الشيطان أن يخرج الشيطان؟
24 فإن انقسمت مملكة على ذاتها لا تستطيع تلك المملكة أن تثبت.;
25 وإن انقسم بيت على ذاته فلا يقدر ذلك البيت أن يثبت.
26 فإن قام الشيطان على نفسه فإنه ينقسم ولا يستطيع أن يثبت، قوتها يقترب من نهايته.
27 لا يدخل أحد بيت الحصن ويأخذ أمتعته إلا إذا قيدها أولا بالسلاسل، وحينئذ ينهب بيته.
28 الحق أقول لكم: إن جميع خطايا بني البشر ستغفر لهم، حتى التجاديف التي قالوا.
29 ولكن من جدف على الروح القدس فلا يُغفر له إلى الأبد، بل هو مذنب بخطيئة أبدية.«
30 وتكلم يسوع هكذا،, لأنهم قالوا: »به روح نجس«.«
31ولما جاءت أمه وإخوته، وقفوا خارجاً وأرسلوا إليه يخبرونه.
32 وكان الجمع جالساً حوله، فقالوا له: »أمك وإخوتك خارجاً يطلبونك«.«
33 فقال: »من أمي ومن إخوتي؟«
34 ثم نظر حوله إلى الجالسين حوله وقال: »هؤلاء أمي وإخوتي.
35 لأن من يصنع مشيئة الله هو أخي وأختي وأمي.«
الفصل الرابع
١ وابتدأ يسوع يُعلّم أيضًا عند البحر، فاجتمع إليه جمعٌ كثيرٌ حتى إنه ركب السفينة وجلس في البحر، وكان الجمع كلّه على الشاطئ.
2وعلمهم أشياء كثيرة في الأمثالوقال لهم في تعليمه:
3 » اسمع. — خرج الزارع ليزرع.
4 وفيما هو يزرع سقط بعض البذر على الطريق، فجاءت الطيور وأكلته.
5 وسقط آخر على الأرض الحجرية حيث لم تكن له تربة كثيرة، فنبت في الحال لأن تربته كانت قليلة.
6 ولكن لما أشرقت الشمس، أصاب النبات الحر، ولم يكن له أصل، فيبس.
7 وسقط آخر بين الشوك، فطلع الشوك وخنقه، فلم يصنع ثمرا.
8 وسقط آخر على الأرض الجيدة، فنما ونما فأعطى ثمره، بعضه ثلاثين ضعفاً، وبعضه ستين ضعفاً، وبعضه مئة ضعف.«
9 ثم أضاف: »من له أذنان فليسمع«.«
10 وفيما هو منفرد، سأله الذين حوله مع الاثنا عشر عن المثل.
11 فقال لهم: «لكم قد أعطي أن تعرفوا سر ملكوت الله، وأما الذين هم من خارج ففي الخارج يُكرز بكل شيء. الأمثال,
12 حتى أنهم مبصرين بأعينهم فلا يبصرون، أو سامعين بآذانهم فلا يفهمون، لئلا يرجعوا فيأخذوا. مغفرة من خطاياهم.
13 ثم قال: »أما تفهمون هذا المثل؟ فكيف تفهمون أي مثل؟»
14 الزارع يزرع الكلمة.
15 وأما الذين على الطريق فهم الرجال الذين زرعت فيهم الكلمة، وعندما يسمعونها يأتي الشيطان وينزع الكلمة المزروعة في قلوبهم.
16 وكذلك الذين زرعوا على الأرض الصخرية، هم الذين حينما يسمعون الكلمة يقبلونها بفرح،;
17 ولكن ليس لهم أصل، بل هم متقلبون. إذا حدث ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة، فللوقت يسقطون.
18 وأما الذين يبذرون بين الشوك فهم الذين يسمعون الكلمة.;
19 ولكن هموم هذا العالم وغرور الغنى وشهوات أخرى تدخل إلى قلوبهم وتخنق الكلمة فلا تأتي بثمر.
20 وأما الذي سقط على الأرض الجيدة، فهو الذي يسمع الكلمة ويقبلها، فيعطي ثمرا ثلاثين ضعفا، وستين ضعفا، ومئة ضعف.«
21 وقال لهم أيضًا: »هل يؤتى بالمصباح ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير؟ ألا يؤتى به ليوضع على المنارة؟
22 لأنه ليس شيء مخفي إلا أن يُعلن، ولا شيء عمل في الخفاء إلا أن يظهر.
23 من له أذنان فليسمع جيداً.«
٢٤ ثم قال: »انتبهوا لما تسمعون. فبالكيل الذي تكيلونه يُكال لكم، ويزاد لكم».
25 لأن كل من له سيعطى، ومن ليس له سيؤخذ منه حتى الذي عنده.«
26 وقال أيضاً: »إن ملكوت الله يشبه إنساناً يلقي البذار على الأرض.
27 فهو ينام ويقوم ليلاً ونهاراً، والبذار تنبت وتنمو، وهو لا يعلم كيف.
28 لأن الأرض من ذاتها تأتي بثمر. أولا نباتا، ثم سنبلا، وبعد ذلك يمتلئ السنبل حنطة.
29 ومتى نضجت الثمرة، فللوقت يرسل المنجل، لأن وقت الحصاد.«
30 وقال أيضًا: »بماذا نشبه ملكوت الله؟ أو بأي مثل نمثله؟»
31 فهو مثل حبة خردل، التي عندما تزرع في الأرض، فهي أصغر كل البذور التي على الأرض.;
32 ومتى زرعت فإنها تنمو وتصير أعظم من كل بقول الجنة وتنشر أغصانها حتى تستطيع طيور السماء أن تحتمي في ظلها.«
33 وكان يعلمهم بهذه الطريقة من خلال طرق مختلفة. الأمثال, ، اعتمادًا على ما إذا كانوا قادرين على سماعه.
34 ولم يكن يكلمهم من دون الأمثال, ولكنه، على وجه الخصوص، شرح كل شيء لتلاميذه.
35 وفي ذلك اليوم نحو المساء قال لهم: لنعبر إلى العبر.»
36 ولما صرفوا الجمع أخذوا يسوع كما كان في السفينة، بينما كانت سفن أخرى تشيعه.
37 فحدث نوء ريح شديد فدفع الأمواج على السفينة حتى صارت تمتلئ ماء.
38 وكان هو في المؤخر نائما على الوسادة، فأيقظوه وقالوا له: يا معلم، أما يهمك أننا نهلك؟»
39 فاستيقظ يسوع وانتهر الريح وقال للبحر: ابكِ! فسكنت الريح وصار هدوء عظيم.
40 فقال لهم: »ما بالكم خائفين؟ أليس لكم إيمان بعد؟» فخافوا خوفاً عظيماً وقالوا بعضهم لبعض: »فمن هو هذا إذًا حتى تطيعه الريح والبحر؟«
الفصل الخامس
1 ولما عبروا البحر وصلوا إلى أرض الجدريين.
2 وفيما هو خارج من السفينة، إذا رجل من بين القبور به روح نجس.
3 وكان مسكنه في القبور، ولم يكن أحد يستطيع أن يقيده بعد، ولا حتى بسلسلة.
4فإنه كان قد قيد مرارا كثيرة بالسلاسل والقيود، فكسر السلاسل وقطع قيوده، حتى لم يستطع أحد أن يتحكم فيه.
5 وكان نهارا وليلا يتجول في القبور وعلى الجبال، يصرخ ويسحق نفسه بالحجارة.
6 فلما رأى يسوع من بعيد ركض إليه وسجد له،,
٧ فصرخ بصوت عظيم: »ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي؟ أستحلفك باسم الله ألا تعذبني!«
8فإن يسوع كان يقول له: أيها الروح النجس، اخرج من هذا الإنسان.»
9 فسأله: »ما اسمك؟» فقال له: »اسمي ليجيون لأننا كثيرون«.«
10 وطلب إليه بإلحاح أن لا يرسلهم إلى خارج تلك البلاد.
11 وكان هناك قطيع كبير من الخنازير يرعى هناك عند الجبل.
12 فطلب الشياطين إلى يسوع قائلين: »أرسلنا إلى تلك الخنازير لندخل«.«
13 فأذن لهم للوقت، فخرجت الأرواح النجسة من الممسوس ودخلت في الخنازير، فاندفع القطيع، وكان نحو ألفين، من على المنحدرات إلى البحر وغرق.
١٤ فهرب حراسهم، ونشروا الخبر في المدينة والقرى، فجاء الناس ليروا ما حدث.;
15 فجاءوا إلى يسوع، ورأوا المجنون الذي كان فيه اللجئون جالساً، لابساً وعاقلاً، فخافوا خوفاً شديداً.
16 فأخبرهم الذين شهدوا عما حدث للمجنون وللخنازير،,
17 فطلبوا إلى يسوع أن يخرج من تخومهم.
18 ولما دخل يسوع السفينة، طلب منه الرجل الذي كان مجنوناً أن يتبعه.
19 فلم يدعه يسوع، بل قال له: »اذهب إلى بيتك وإلى أهلك، وأخبرهم بكل ما صنع الرب إليك، وكيف رحمك«.«
20 فذهب وابتدأ ينادي في المدن العشر بكل ما صنع له يسوع، فتعجب الجميع.
21 ولما اجتاز يسوع أيضاً في السفينة، واقترب من الشاطئ، اجتمع إليه جمع كثير.
22 فجاء واحد من رؤساء المجمع اسمه يايرس، فلما رآه سقط عند قدميه،,
23 وطلبوا إليه بإلحاح قائلاً: »ابنتي في حالة موت، تعال وضع يدك عليها لكي تشفى وتحيا«.«
24 فذهب معه، وتبعه جمع كثير وأحاط به.
25 وكانت امرأة مصابة بنزيف دم منذ اثنتي عشرة سنة.;
لقد عانت كثيرًا من زيارة العديد من الأطباء، وأنفقت كل أموالها، وبدلًا من أن تشعر بأي راحة، رأت مرضها يزداد سوءًا.
27 فلما سمعت بيسوع جاءت إلى الجمع ولمست ظهر ثوبه.
28 لأنها قالت: »إن مسست ثيابه فقط شفيت«.«
29 فتوقف نزف الدم في الحال، وأحست في جسدها أنها قد برئت من مرضها.
30 في تلك الساعة شعر يسوع أن قوة قد خرجت منه، فالتفت بين الجمع وقال: »من لمس ثيابي؟«
31 قال له تلاميذه: »أنت تنظر الجمع يزحمك من كل جانب، فتسأل: من لمسني؟«
32 فنظر حوله ليرى من الذي لمسه.
33 فأتت المرأة وهي مرتعدة خائفة، عالمة بما حدث لها، وسقطت عند قدميه، وقالت له الحق كله.
34 فقال لها يسوع: »يا ابنة، إيمانك قد شفاك. اذهبي بسلام وكوني سليمة من مرضك«.«
35 وفيما هو يتكلم، جاء واحد من دار رئيس المجمع وقال: »ابنتك ماتت، فلماذا تثقل على المعلم بعد؟«
36 فلما سمع يسوع هذا قال لرئيس المجمع: لا تخف، آمن فقط.»
37ولم يدع أحداً يذهب معه إلا بطرس ويعقوب ويوحنا أخا يعقوب.
38 فجاءوا إلى بيت رئيس المجمع، فرأى جمعاً من الناس يبكون ويصرخون بصوت عالٍ.
39 فدخل وقال لهم: »لماذا كل هذا الضجيج والصراخ؟ ليست الصبية ميتة، بل نائمة«.«
40 فسخروا منه. فأخرج الجميع خارجاً، وأخذ معه أبا الصبية وأمها والتلاميذ الذين كانوا معه، وجاء إلى المكان الذي كانت الصبية مضطجعة فيه.
41فأخذ بيدها وقال لها: »طليثا قومي»، أي: يا صبية، أقول لك: قومي.»
42 فقامت الصبية في الحال ومشت، لأنها كانت ابنة اثنتي عشرة سنة، فتعجبوا.
43 فأوصاهم يسوع أن لا يقولوا لأحد ذلك، ثم قال لهم أن يعطوا الصبية شيئاً لتأكل.
الفصل السادس
1 ثم خرج يسوع من هناك وجاء إلى وطنه، وتبعه تلاميذه.
2ولما كان السبت، ابتدأ يُعلّم في المجمع، فتعجب كثيرون ممن سمعوه وقالوا: »من أين لهذا هذه؟ وما هذه الحكمة التي أُعطيت له؟ وكيف تُجرى على يديه مثل هذه المعجزات؟»
3 أليس هذا هو النجار ابن متزوج, »أخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان؟ أليست أخواته عندنا؟» فكانوا يستغربون منه.
4 فقال لهم يسوع: »ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته وفي بيته«.«
5ولم يقدر أن يصنع هناك قوة واحدة، إلا أنه وضع يديه على بعض المرضى فشفاهم.
6 فتعجب من عدم إيمانهم.
ثم سافر يسوع إلى القرى المجاورة يعلم.
7 ثم دعا الاثني عشر وابتدأ يرسلهم اثنين اثنين وأعطاهم سلطانا على الأرواح النجسة.
8 وأمرهم أن لا يحملوا شيئا للطريق إلا عصا، ولا مزودا، ولا خبزا، ولا نقودا في مناطقهم.;
9 بل أن يلبسوا نعالاً، ولا يلبسوا ثوبين.
10 وقال لهم: »حيثما دخلتم بيتاً فأقيموا فيه حتى تخرجوا من هناك.
11 وإن لم يقبلوكم ويسمعوا منكم في مكان ما، فاخرجوا من هناك، وانفضوا غبار أرجلكم شهادة لهم.«
12 فخرجوا وكرزوا بالتوبة.;
13 فأخرجوا شياطين كثيرة، ودهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم.
14 فسمع الملك هيرودس بذلك. عن يسوع, الذي أصبح اسمه مشهورًا، وقال: "لقد قام يوحنا المعمدان، ولذلك تعمل فيه قوة عجيبة".»
15 وقال آخرون: »هذا إيليا» وآخرون: »هو نبي كواحد من الملائكة». الأنبياء القدماء. «"«
16 فلما سمع هيرودس هذا قال: »يوحنا الذي قطعت رأسه قام من بين الأموات«.«
17 لأن هيرودس نفسه أرسل وقبض على يوحنا وأسلمه إلى السجن. سجن محملاً بالحديد بسبب هيروديا امرأة فيلبس أخيه التي تزوجها.;
18 لأن يوحنا كان يقول لهيرودس: »لا يحل لك أن تأخذ امرأة أخيك«.«
19 فكانت هيروديا عدائية تجاهه، وأرادت أن تقتله، فلم تستطع.
20 لأن هيرودس، إذ عرف أنه رجل بار وقديس، كان يهابه ويراقب حياته، وكان يعمل أموراً كثيرة بمشورته، ويسمع له طوعاً.
٢١ وأخيرًا، سنحت له فرصة سانحة. ففي ذكرى ميلاده، أقام هيرودس وليمة لعظماء بلاطه وقواده ووجوه الجليل.
22ولما دخلت ابنة هيروديا ورقصت أعجبت هيرودس والذين معه. فقال الملك للصبية: »اطلبي مني ما تريدين فأعطيك«.«
23 ثم أقسم قائلا: »كل ما تطلبه مني أعطيك حتى نصف مملكتي«.«
24 فخرجت وقالت لأمها: »ماذا أطلب؟» فقالت أمها: »رأس يوحنا المعمدان«.«
25 فعادت الفتاة إلى الملك في الحال بحماس وطلبت منه هذا الطلب: »أريد أن تعطيني حالا على طبق رأس يوحنا المعمدان«.«
26 فحزن الملك. مع ذلك, وبسبب قسمه وضيوفه، لم يكن يريد إزعاجها بالرفض.
27 فللوقت أرسل أحد حراسه وأمره أن يأتي برأس يوحنا على طبق.
28 فذهب الحراس وقطعوا رأس يوحنا في سجن, وأتى برأسه على طبق وأعطاه للصبية، والصبية أعطته لأمها.
29 فلما سمع تلاميذ يوحنا ذلك جاءوا ورفعوا جسده ووضعوه في قبر.
30 ولما رجعوا إلى يسوع أخبره الرسل بكل ما فعلوا وكل ما علموا.
31 فقال لهم: »تعالوا أنتم إلى مكان قفر واستريحوا». لأن الجمع كان كثير، حتى لم يكن للرسل وقت لتناول الطعام.
32 فركبوا وانصرفوا إلى مكان منعزل.
33 فشوهد الناس وهم يغادرون، فظن كثيرون أنهم إلى أين كانوا ذاهبين, ومن جميع المدن، هرع الناس إلى هذا المكان براً، ووصلوا إليه قبلهم.
34 ولما نزل يسوع رأى جمعا كثيرا، فتحنن عليهم إذ كانوا كغنم لا راعي لها، فابتدأ يعلمهم كثيرا.
35 وفيما كان الوقت قد مضى تقدم إليه تلاميذه وقالوا له: »الموضع مقفر والوقت قد مضى، فليأتِ أحدكم إلى هنا».;
36 فأرسلهم لكي يذهبوا إلى المزارع والقرى المجاورة ليشتروا لأنفسهم شيئاً يأكلون.«
37 فأجابهم: »أعطوهم أنتم ليأكلوا». فقالوا له: »أنذهب فنشتري خبزاً بمئتي دينار فنعطيهم إياه ليأكلوا؟«
٣٨ فسألهم: »كم رغيفًا عندكم؟ اذهبوا وانظروا». فلما عرفوا قالوا له: »خمسة أرغفة وسمكتان«.«
39 ثم أمرهم أن يجلسوا كلهم جماعات جماعات على العشب الأخضر.;
40 فجلسوا فرقا مئة وخمسين.
41 فأخذ يسوع الأرغفة الخمسة والسمكتين، ورفع نظره نحو السماء وشكر. ثم كسر الأرغفة وأعطى تلاميذه ليوزعوها على الجمع، وقسم السمكتين أيضًا بينهم جميعًا.
42 فأكلوا جميعهم وشبعوا.,
43 فحملوا اثنتي عشرة قفة مملوءة من الكسر. خبز وما تبقى من السمك.
44 وكان عدد الذين أكلوا خمسة آلاف رجل.
45 وفي الحال ألزم يسوع تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى عبر البحر إلى بيت صيدا حتى يصرف هو الجمع.
46 وبعدما ودعهم صعد إلى الجبل ليصلي.
47ولما صار المساء، كانت السفينة في وسط البحر، وكان يسوع وحده على البر.
48 ولما رأى أنهم يجدون صعوبة في التجديف لأن الريح كانت مضادة لهم، خرج إليهم نحو الهزيع الرابع من الليل ماشيا على البحر، وكان مزمعا أن يتجاوزهم.
49 ولكن لما رأوه ماشيا على البحر ظنوه خيالا فصرخوا.
٥٠ فلما رأوه جميعًا، خافوا خوفًا شديدًا. فخاطبهم في الحال قائلًا: »تشجعوا! أنا هو، لا تخافوا«.«
51 فدخل السفينة معهم، فسكنت الريح، واشتدت دهشتهم واختل توازنهم.;
52 لأنهم لم يفهموا آية الخبز، لأن قلوبهم كانت قاسية.
53 وبعد أن عبروا البحيرة وصلوا إلى أرض جنيسارت ونزلوا هناك.
54 ولما خرجوا من السفينة، من البلاد, ، بعد أن تعرف على يسوع على الفور،,
55 شخصا قاموا بالبحث في كل مكان وبدأ الناس في إحضاره المرضى على أسرتهم، أينما علموا أنه كان.
56 أينما وصل، في القرى والمدن والأرياف، وضعوا المرضى وكانوا يطلبون منه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط في الساحات العامة، فكان كل من يلمسه يشفى.
الفصل السابع
1 واجتمع إلى يسوع الفريسيون وكثير من الكتبة الذين جاءوا من أورشليم.
2 فلما رأى بعض تلاميذه يأكلون بأيدي غير مغسولة، ال ملوم.
3فإن الفريسيين وكل اليهود لا يأكلون إلا بعد غسل أيديهم جيداً حسب تقليد الشيوخ.
٤ وعند عودتهم من الساحة العامة، لا يأكلون إلا بعد الوضوء. ويراعون أيضًا عاداتٍ تقليديةً أخرى كثيرة، مثل تطهير الكؤوس والأباريق والأواني البرونزية والأسرّة.
5 فسأله الكتبة والفريسيون: »لماذا لا يتبع تلاميذك تقليد الشيوخ، بل يأكلون بأيدي نجسة؟«
6 فأجابهم: »لقد صدق إشعياء عندما تنبأ عنكم أنتم المرائين، كما هو مكتوب: هذا الشعب يكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً».
7 عبادتهم لي باطلة، إذ يعلمون تعاليم هي وصايا الناس.
8 لقد تركتم وصايا الله، وتتمسكون بالتقاليد البشرية، وتنظفون الأواني والكؤوس، وتفعلون أشياء أخرى كثيرة مثل هذه.
9 وأضاف قائلاً: أنتم تعرفون جيداً كيف تنقضون وصية الله لكي تحافظوا على تقليدكم!
10 لأن موسى قال: «أكرم أباك وأمك»، و«من سب أباه أو أمه فليقتل قتلاً».
11 ولكنكم تقولون: «إذا قال أحد لأبيه أو أمه: الخير الذي كان يمكن أن أعطيكما إياه هو قربان، أي هدية». تم ذلك لله,
12 فلا تدعه بعد يفعل شيئا لأبيه أو أمه،
13 فأنتم تبطلون كلام الله بالتقليد الذي تعلمونه، وتفعلون أمورًا أخرى كثيرة مثل هذا.«
14 فدعا يسوع الجمع وقال لهم: »اسمعوا مني جميعكم وافهموا.
15 ليس شيء مما هو خارج الإنسان يقدر أن ينجسه بالدخول فيه، بل ما يخرج من الإنسان هو الذي ينجسه.
16 من له أذنان فليسمع.«
17 ولما دخل إلى بيت منعزلاً عن الجمع، سأله تلاميذه عن هذا المثل.
18 فقال لهم: »أهكذا أنتم أغبياء؟ ألا تفهمون أن كل ما يدخل الإنسان من الخارج لا ينجسه؟»,
19 لأنه لا يدخل إلى قلبه بل يذهب إلى الجوف ويطرد إلى المكان السري الذي يطهر كل الأطعمة؟
20 لكنه أضاف قائلا: إن ما يخرج من الإنسان هو الذي ينجسه.
21 لأنه من الداخل، من قلوب الناس، تأتي الأفكار الشريرة: الزنا، والفسق، والقتل،,
22 السرقة، الجشع، الشر، الغش، الفجور، العين الشريرة، القذف، الكبرياء، الجنون.
23 كل هذه الشرور تخرج من الداخل وتنجس الإنسان.«
24 ثم خرج من هناك وجاء إلى حدود صور وصيدا، ودخل بيتًا، وتمنى ألا يعلم به أحد، لكنه لم يستطع أن يختبئ.
25فما إن سمعت امرأة بابنتها مجنونة بروح نجس حتى أتت وسقطت عند قدميه.
26 وكانت هذه المرأة أمية، سورية فينيقية، فطلبت إليه أن يخرج الشيطان من ابنتها.
27 فقال له يسوع: دع البنين يشبعوا أولا، لأنه ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب.
28 فقالت: «صحيح يا سيد، ولكن الكلاب أيضاً تأكل من فتات البنين تحت المائدة».«
29 فقال لها: »لأن هذا الكلام قال: اذهبي، فقد خرج الشيطان من ابنتك«.«
30 ولما رجعت إلى بيتها وجدت ابنتها مضطجعة على سريرها وقد خرج منها الشيطان.
31 ثم خرج يسوع من كورة صور وجاء من صيدا إلى بحر الجليل، في وسط المدن العشر.
32 فأتوا إليه برجل أصم أبكم وطلبوا إليه أن يضع يديه عليه.
33 فأخذه يسوع من بين الجمع على حدة، ووضع أصابعه في أذنيه، وبصق على لسانه.;
34 ثم رفع نظره نحو السماء وتنهد وقال لها: »إفثا»، أي: انفتحي.
35 ففي الحال انفتحت أذنا الرجل، وانفرجت لسانه، وتكلم فهماً.
36 فأوصاهم يسوع أن لا يخبروا أحداً، ولكن كلما أمرهم أكثر، كانوا يعلنون ذلك أكثر.;
37 فامتلأوا دهشة لا حدود لها، وقالوا: »إن كل ما صنعه عجيب! فهو يجعل الصم يسمعون والخرس يتكلمون«.«
الفصل الثامن
1 وفي تلك الأيام، إذ كان الجمع كثيراً ولم يكن لهم ما يأكلون، دعا يسوع تلاميذه وقال لهم:
2 »إني أشفق على هذا الشعب، لأنهم لم يتركوني منذ ثلاثة أيام وليس عندهم ما يأكلون.
3 إذا ردتهم إلى بيوتهم بلا طعام، فسوف يخورون في الطريق، لأن كثيرين منهم جاءوا من بعيد!«
4 فأجابه تلاميذه: »كيف يستطيع أحد أن يجد في هذه الأرض البرية ما يكفي من الخبز لإطعامه؟«
5 فسألهم: »كم رغيفاً عندكم؟» فقالوا: »سبعة«.«
6 ثم أقعدَ الجمعَ على الأرض، وأخذَ الأرغفةَ السبع، وشكر، وكسرها، وأعطى تلاميذه ليُوزِّعوا، فقاموا بتوزيعها على الجمع.
7وكان عندهم أيضاً بعض صغار السمك، فبارك يسوع ووزعها عليهم.
8 فأكلوا وشبعوا، ثم رفع ما فضل من الكسر سبع سلال.
9 وكان الذين أكلوا نحو أربعة آلاف، فصرفهم يسوع.
10 فللوقت ركب السفينة مع تلاميذه وجاء إلى أرض دلمانوثة.
11 فجاء الفريسيون واحتجوا عليه وطلبوا منه آية من السماء ليجربوه.
١٢ فتنهد يسوع وقال: »لماذا يطلب هذا الجيل آية؟ الحق أقول لكم: لن يُعطى هذا الجيل آية«.«
13 فتركهم ودخل السفينة أيضاً وعبر إلى العبر.
14 ولكن التلاميذ نسوا أن يأخذوا خبزاً، ولم يكن معهم في السفينة إلا رغيف واحد.
15 وقال لهم يسوع: »احذروا من خميرة الفريسيين وهيرودس«.«
16 ففكروا في هذا الأمر فيما بينهم قائلين: »ليس عندنا خبز«.«
17 فعلم يسوع أفكارهم، فقال لهم: »لماذا تقولون: ليس لديكم خبز؟ أما زلتم لا تعقلون ولا تفهمون؟ هل لا تزال قلوبكم عمياء؟
18 هل لك عيون ولا تبصر، وآذان ولا تسمع، وليس لك ذاكرة؟
19 فحين كسرت الأرغفة الخمسة للخمسة آلاف الرجل، كم قفة مملوءة من الكسر أخذتم؟ فقالوا له: اثنتي عشرة.
20 وحين كسرت الأرغفة السبعة على الأربعة الآلاف الرجل، كم قفة مملوءة من الكسر رفعتم؟ فقالوا له: سبعة.»
21 فقال لهم: »كيف لا تفهمون بعد؟«
22 ولما وصلوا إلى بيت صيدا أحضروا إليه رجلاً أعمى وطلبوا إليه أن يلمسه.
23 فأخذ يسوع بيد الأعمى وأخرجه إلى خارج القرية، ووضع من بلل عينيه، ووضع يديه عليه، وسأله: هل تبصر شيئاً؟.
24 فرفع الأعمى عينيه وقال: »أرى الناس يمشون كالأشجار«.«
25 فوضع يسوع يديه أيضًا على عينيه وجعله يبصر، فشفى تمامًا حتى صار يبصر كل شيء بوضوح.
26 ثم أرسله يسوع إلى بيته قائلاً: »اذهب إلى بيتك، ولكن لا تدخل القرية ولا تخبر أحداً هناك بهذا«.«
27 ومن هناك ذهب يسوع وتلاميذه إلى قرى قيصرية فيلبس، وفي الطريق سألهم: »من يقول الناس إني أنا؟«
28 فأجابوه: »يوحنا المعمدان، وآخرون إيليا، وآخرون واحد من الأنبياء».
29 فسألهم: »وأنتم من تقولون إني أنا؟» فأجابه بطرس: «أنت المسيح».«
30 ونهى عنهم بشدة أن يقولوا الذي - التي منه إلى لا أحد.
31 حينئذ ابتدأ يعلمهم أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيرا، ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، وأنه ينبغي أن يقتل، وبعد ثلاثة أيام يقوم.
32 فقال لهم هذا علانية، فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره.
33 فالتفت يسوع ونظر إلى تلاميذه، وانتهر بطرس قائلاً: »اذهب عني يا شيطان، لأنك لا تفكر في الله بل في الناس«.«
34 ثم دعا الجمع وتلاميذه، وقال لهم: »إن أراد أحد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني.
35 لأن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها.
36 فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟
37 فماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه؟
38 من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ، فإن ابن الإنسان يستحي به متى جاء في مجد أبيه مع جميع الأمم. الملائكة القديسين.
39 ثم قال: »الحق أقول لكم: إن قوما من القائمين ههنا لن يذوقوا الموت حتى يروا ملكوت الله مجيء بقوة«.«
الفصل التاسع
1 وبعد ستة أيام، أخذ يسوع معه بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبل عالٍ منفردين، فتغيرت هيئته أمامهم.
2 فأصبحت ثيابه بيضاء لامعة كالثلج، بيضاء كالثلج، لا يقدر أي قاصر على الأرض أن يبيضها.
3 فظهر لهم إيليا وموسى يتكلمان مع يسوع.
٤فتكلم بطرس وقال ليسوع: »يا معلم، جيد أن نكون ههنا. فلنصنع ثلاث مظال: واحدة لك، وواحدة لموسى، وواحدة لإيليا«.«
5 ولم يكن يعلم ما يقول، لأن الرعب كان قد أخذهم.
6 وكانت سحابة تغطيهم بظلها، وجاء صوت من السحابة قائلا: »هذا هو ابني الحبيب، له اسمعوا«.«
7 فللوقت نظروا حولهم ولم يروا أحداً إلا يسوع وحده معهم.
8 وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم أن لا يخبروا أحداً بما أبصروا حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات.
9 فحفظوا هذا الكلام لأنفسهم، وكانوا يتساءلون فيما بينهم: ما معنى هذه الكلمة: »قام من الأموات؟«
10 فسألوه وقالوا: »فلماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً؟«
١١ فأجابهم: »ينبغي أن يأتي إيليا أولاً ويرد كل شيء. فكيف هو مكتوب عن ابن الإنسان أنه ينبغي أن يتألم كثيراً ويُحتقر؟
12 ولكن أقول لكم: إن إيليا قد جاء، وفعلوا به كما أرادوا، كما هو مكتوب عنه.«
13 ولما رجع إلى تلاميذه رأى جمعاً كثيراً حولهم وكتبة يحاورونهم.
14فتعجب الجمع كله حين رأوا يسوع، وركضوا في الحال ليحيوه.
15 فسألهم: »ماذا تتكلمون معهم؟«
16 فأجابه رجل من الجمع وقال له: »يا معلم، قد قدمت إليك ابني به روح أخرس.
17 حيثما يأخذه الروح يطرحه على الأرض،’طفل يزبد ويصر بأسنانه وييبس. طلبت إلى تلاميذك أن يطردوه فلم يستطيعوا.
18 قال لهم يسوع: «أيها الجيل غير المؤمن، إلى متى أبقى معكم؟ إلى متى أحتملكم؟ قدموه إليّ».«
19 فأحضروه إليها، فلما رآه، هجم الروح على الصبي هزاً شديداً، فسقط على الأرض وتدحرج زبداً.
20 فسأل يسوع أبا الصبي: »منذ متى أصابه هذا؟» فأجاب: «منذ صغره».
21 وكثيرا ما ألقاه الروح في النار وفي الماء ليهلكه. إن كنت تستطيع شيئا فترحمنا وأعنّا.«
22 فقال له يسوع: »إن كنت تستطيع فكل شيء مستطاع للمؤمن«.«
23 فصرخ أبو الصبي في الحال باكياً: »أنا أؤمن يا رب، فأعن عدم إيماني!«
24ولما رأى يسوع الجموع يتراكضون انتهر الروح النجس قائلا: أيها الروح الأخرس الأصم أنا آمرك: اخرج منه ولا تدخله أيضا.»
25 فخرج صراخاً عظيماً وصرعه بشدة، فصار الصبي كالميت، حتى قال كثيرون: »إنه مات«.«
26 فأخذه يسوع بيده وأقامه، فقام.
27ولما دخل البيت سأله تلاميذه على انفراد: »لماذا لم نقدر نحن أن نخرج الروح؟«
28 فقال لهم: »هذا النوع من الناس لا يرضون أن يعبدوه». شيطان لا يمكن إخراجها إلا بالصلاة والصوم.«
29 ثم خرجا من هناك واجتازا كل الجليل، ولم يرد يسوع أن يعلم أحد بذلك،,
30فإنه كان يعلم تلاميذه قائلا لهم: إن ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه وفي اليوم الثالث بعد موته يقوم.»
31ولكنهم لم يفهموا هذا القول، وخافوا أن يسألوه.
32ولما وصلوا إلى كفرناحوم، سألهم يسوع وهو في البيت: »ماذا كنتم تتكلمون في الطريق؟«
33 ولكنهم ظلوا صامتين، لأنهم في الطريق تجادلوا فيما بينهم حول من هو الأعظم.
34 فجلسوا ودعوا الاثني عشر وقالوا لهم: »إن أراد أحد أن يكون أولاً فيجب أن يكون آخر الجميع وخادماً للجميع«.«
35 فأخذ طفلاً وأقامه في وسطهم، واحتضنه وقال لهم:
36 »من قبل واحداً من هؤلاء الأطفال باسمي فقد قبلني. ومن قبلني فليس يقبلني أنا بل الذي أرسلني«.«
37 فأجابه يوحنا: »يا معلم، رأينا واحداً يخرج الشياطين باسمك وهو ليس منا، فمنعناه».
38 فقال له يسوع: لا تمنعه، لأنه لا يقدر أحد أن يصنع قوة باسمي ثم في الحال يتكلم علي شرا.
39 من ليس علينا فهو معنا.
40 فمن سقاكم كأس ماء باسمي لأنكم للمسيح فالحق أقول لكم إنه لا يضيع أجره أبدا.
41 ومن أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق حول عنقه حجر الرحى ويلقى في البحر.
42 وإن أعثرتك يدك فاقطعها، لأنه خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم إلى النار التي لا تطفأ.,
43 حيث دودهم لا يموت، وحيث النار لا تنطفئ.
44 وإن كانت رجلك تعثرك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم حيث النار لا تطفأ.,
45 حيث دودهم لا يموت، وحيث النار لا تنطفئ.
46 وإن كانت عينك تعثرك فاقلعها. خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور من أن تكون لك عينان وتلقى في نار جهنم.,
47 حيث دودهم لا يموت، وحيث النار لا تنطفئ.
48 لأن كل إنسان يملح بالنار، وكل تقدمة تملح بالملح.
49 الملح جيد، ولكن إذا فسد، فكيف يمكنك أن تعيد إليه ملوحته؟ احتفظوا بالملح في أنفسكم، وكونوا في سلام مع بعضكم البعض.«
الفصل العاشر
1 ثم خرج يسوع من هناك وجاء إلى تخوم اليهودية، إلى عبر الأردن، فاجتمع إليه الشعب أيضاً، فجعل يعلمهم أيضاً على عادته.
2 فتقدم إليه الفريسيون وسألوه: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته؟ هذا كان ليختبروه.
3 فأجابهم: »ماذا أوصاكم موسى؟«
4 فقالوا: »إن موسى أذن للرجل أن يكتب كتاب طلاق ويطلق امرأته«.«
5 أجابهم يسوع: »من أجل قساوة قلوبكم أعطاكم هذا الناموس.
6 ولكن في بدء الخليقة، ذكراً وأنثى خلقهما الله.
7لهذا السبب يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته،,
8 فيكون الاثنان جسداً واحداً. إذن ليسا بعد اثنين بل جسد واحد.
9 فما جمعه الله فلا يفرقه إنسان.«
10 وفيما هم في البيت سأله تلاميذه أيضا عن هذا الأمر،,
11 وقال لهم: »من طلق امرأته وتزوج بأخرى يزني على الزوجة الأولى.
12 وإذا طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر فإنها تزني.«
13 فأحضروا إليه أطفالاً صغاراً ليلمسهم، فانتهر التلاميذ الذين أحضروهم.
14 فلما رأى يسوع ذلك اغتاظ وقال لهم: دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات.
15 الحق أقول لكم: من لا يقبل ملكوت الله مثل طفل فلن يدخله.«
16 ثم قبلهم وباركهم ووضع يديه عليهم.
17 وفيما هو خارج في طريقه، ركض إليه واحد وجثا على ركبتيه وسأله: »أيها المعلم الصالح، ماذا ينبغي أن أعمل لأرث الحياة الأبدية؟«
18 فقال له يسوع: »لماذا تدعوني صالحًا؟ ليس أحد صالحًا إلا الله وحده.
19 أنت تعرف الوصايا: لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، امتنع عن كل غش، أكرم أباك وأمك.«
20 فأجاب وقال له: »يا معلم، هذه كلها حفظتها منذ حداثتي«.«
٢١ فنظر إليه يسوع وأحبه، وقال: »يعوزك شيء واحد: اذهب وبع كل ما تملك وأعطِ الفقراء، فيكون لك كنز في السماء. ثم تعال اتبعني«.«
22 فحزن من هذا القول ومضى حزينا لأنه كان ذا أموال كثيرة.
23 فنظر يسوع حوله وقال لتلاميذه: »ما أصعب دخول ذوي أموال هذا العالم إلى ملكوت الله!«
24 فتعجب التلاميذ من كلامه، فقال لهم يسوع أيضاً: »يا أولادي، ما أصعب دخول الذين يتوكلون على الأموال إلى ملكوت الله!»
25فإن مرور الجمل من ثقب الإبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله.«
26 فتعجبوا أكثر وقالوا بعضهم لبعض: »فمن يستطيع أن يخلص؟«
27 فنظر إليهم يسوع وقال: »هذا غير ممكن عند الناس، ولكن ليس عند الله، لأن كل شيء مستطاع عند الله«.«
28 فتكلم بطرس وقال: »ها نحن قد تركنا كل شيء ونتبعك«.«
29 أجاب يسوع: »الحق أقول لكم: لا يترك أحد بيتًا أو إخوة أو أخوات أو أبًا أو أما أو أولادًا أو حقولًا من أجلي ومن أجل الإنجيل،,
30 لكي لا يأخذ الآن مئة ضعف في هذا الزمان الحاضر: بيوتاً وإخوة وأخوات وأمهات وأولاداً وحقولاً، في وسط الاضطهادات، وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية.
31 وكثيرون من الآخرين يكونون أولين، وكثيرون من الأولين يكونون آخرين.«
٣٢ وفيما كانوا صاعدين إلى أورشليم، كان يسوع يتقدمهم، فدهشوا وتبعوه خائفين. ثم أخذ يسوع الاثني عشر أيضًا، وبدأ يخبرهم بما سيحدث له.
33 »ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم،;
34 فيشتمه و يبصقون عليه و يجلدونه و يقتلونه و بعد ثلاثة أيام يقوم.«
35 فتقدم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي قائلين: »يا معلم، نريد أن تفعل لنا كل ما طلبنا منك».
36 فسألهم: «ماذا تريدون أن أفعل لكم؟»
37 فقالا: »أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك«.«
38 فقال لهما يسوع: »لستما تعلمان ما تطلبان. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي سأشربها، أو أن تصطبغا بالصبغة التي سأصطبغ بها؟«
39 أجابوا: »نستطيع». فقال لهما يسوع: »أما الكأس التي أشربها أنا فستشربانها، وبالصبغة التي أعتمد بها أنا ستصطبغان.;
40 وأما الجلوس عن يميني أو عن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أُعد لهم.«
41ولما سمع العشرة هذا، اغتاظوا على يعقوب ويوحنا.
42 فدعاهم يسوع وقال لهم: »تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونهم، وأن عظماءهم يتسلطون عليهم.
43 لا ينبغي أن يكون هذا بينكم، بل من أراد أن يصير فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً.;
44 ومن أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن للجميع عبداً.
45 لأن ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين.«
46 ووصلوا إلى أريحا. وفيما كان يسوع خارجًا من تلك المدينة مع تلاميذه وجمع غفير، كان برتيماوس الأعمى، ابن تيماوس، جالسًا على جانب الطريق يطلب صدقة.
47 فلما سمع أنه يسوع الناصري، ابتدأ يصرخ: »يا يسوع ابن داود، ارحمني!«
48 فانتهره كثيرون وقالوا له: »اسكت«. لكنه صرخ أكثر قائلا: «يا ابن داود، ارحمني!»
49 فوقف يسوع وقال: »ادعُوه». فنادوه قائلين: »ثق، قم، فهو يدعوك«.«
50 فخلع رداءه وقام وجاء إلى يسوع.
51 فقال له يسوع: »ماذا تريد أن أفعل لك؟« فأجابه الأعمى: «يا سيدي، أريد أن أبصر».«
52 فقال له يسوع: »اذهب، إيمانك قد خلصك». فللوقت أبصر وتبعه في الطريق.
الفصل الحادي عشر
1 وفيما كانوا يقتربون من أورشليم عند بيت فاجي وبيت عنيا عند جبل الزيتون، أرسل يسوع اثنين من تلاميذه،,
2وقال لهما: اذهبا إلى القرية التي أمامكما، وحين تدخلانها تجدان هناك جحشا مربوطا لم يجلس عليه أحد من الناس قط، فحلاه وأتياني به.
3 وإن سألك أحد: ماذا تفعل؟ فأجيبيه: الرب يحتاج إليه، فيرسله إلى هنا في الحال.«
4 وفيما كان التلاميذ سائرين، وجدوا جحشاً مربوطاً عند باب خارج عند منعطف الطريق، فحلوه.
5 فقال لهم بعض الذين هناك: »ماذا تفعلون تحلون هذا الحمار؟«
6 فأجابوا كما أمرهم يسوع، فأُذن لهم.
7فجاءوا بالحمار إلى يسوع ووضعوا عليه ثيابهم فجلس عليها يسوع.
8 ففرش جماعة كثيرة ثيابهم على طول الطريق، وقطع آخرون أغصان الشجر وفرشوها على الطريق.
9 وكان الذين تقدموا والذين تبعوا يهتفون: »هوشعنا! مبارك الآتي باسم الرب!»
10 مباركٌ عهدُ داودَ أبينا، الذي هو على وشكِ البدءِ! هوشعنا في الأعالي!«
11 ودخل إلى أورشليم إلى الهيكل، وبعد أن رأى كل شيء، ولما كان الوقت قد أمسى، خرج إلى بيت عنيا مع الاثني عشر.
12 وفي الغد، بعدما خرجوا من بيت عنيا، جاع.
13 فرأى من بعيد شجرة تين مغطاة بالورق، فجاء ليرى هل يجد فيها ثمرا، فلما اقترب لم يجد شيئا إلا ورقا، لأنه لم يكن وقت التين.
14 ثم قال للتينة: لا يأكل أحد منك ثمرا بعد إلى الأبد! هذا ما سمعه تلاميذه.
15 ولما وصلوا إلى أورشليم، دخل يسوع الهيكل، وأخرج البائعين والشراء، وقلب موائد الصيارفين وكراسي باعة الحمام.,
16 ولم يدع أحدا يدخل الهيكل يحمل شيئا من الأشياء.
١٧ وكان يعلّم قائلاً: »أليس مكتوباً: بيتي بيت صلاة يُدعى لجميع الأمم؟ وأنتم جعلتموه مغارة لصوص«.«
18 فلما سمع رؤساء الكهنة والكتبة هذا، بدأوا يطلبون كيف يهلكونه، لأنهم كانوا يخافونه لأن الشعب كله كان معجباً بتعليمه.
19 ولما كان المساء خرج يسوع من المدينة.
20 ثم مضى التلاميذ أيضا في الصبح فرأوا التينة قد يبست من أصولها.
21 فتذكر بطرس وقال ليسوع: يا معلم، انظر التينة التي لعنتها قد يبست.»
22 فأجابهم يسوع وقال لهم: »ليكن لكم إيمان بالله.
23 الحق أقول لكم: إن قال أحد لهذا الجبل: اذهب واطرح نفسك في البحر، وهو لا يشك في قلبه، بل يؤمن أن ما يقوله يكون، فسيكون له.
24 لذلك أقول لكم: كل ما تطلبونه في الصلاة، فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم.
25 ومتى وقفتم تصلون فاغفروا إن كان لكم على أحد شيء، لكي يغفر لكم أبوكم الذي في السموات خطاياكم.
26 وإن لم تغفروا أنتم، فلا يغفر لكم أبوكم الذي في السموات زلاتكم.«
27 ووصلوا أيضًا إلى أورشليم. وبينما كان يسوع يتمشى في الهيكل، تقدم إليه رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ،,
28 وقال له: »بأي سلطان تفعل هذا؟ ومن أعطاك هذا؟«
29 فقال لهم يسوع: »وأنا أيضا أسألكم كلمة. أجيبوني فأقول لكم بأية قوة أفعل هذا.
30 فهل كانت معمودية يوحنا من السماء أم من الناس؟ أجبني.«
31 فقالوا في أنفسهم: إن أجبنا من السماء يقول: فلماذا لم تؤمنوا به؟.
32 فإن قلنا: رجال... » فكانوا يخافون الشعب، لأن يوحنا كان عند الجميع نبياً صادقاً.
33 فأجابوا يسوع: »لا نعلم«. فقال لهم يسوع: «وأنا لا أريد أن أخبركم بأي سلطان أفعل هذا».«
الفصل الثاني عشر
1 فابتدأ يسوع يكلمهم في الأمثال"غرس رجل كرما، وأحاطه بسياج، وحفر فيه معصرة، وبنى برجا، ثم أجره لبعض الكرامين وسافر إلى بلاد أخرى.
2 وفي الوقت المناسب، أرسل إلى الكرامين خادماً ليأخذ منهم نصيباً من الحصاد.
3فأخذوه وضربوه وأرسلوه فارغاً.
4 ثم أرسل إليهم عبداً آخر، فجرحوه على رأسه وشتموه.
5 فأرسل ثالثاً فقتلوه، وسقط آخرون كثيرون أيضاً، بعضهم ضرب وبعضهم قتلوه.
6 وكان للسيد ابن واحد كان يحبه كثيرا، فأرسله إليهم أخيرا قائلا في نفسه: «إنهم سيهابون ابني».
7 فقال هؤلاء الكرامون بعضهم لبعض: هذا هو الوارث، هلموا نقتله فيصير لنا الميراث.
8 فأخذوه وقتلوه وأخرجوه خارج الكرم.
9 فماذا يفعل صاحب الكرم؟ يأتي ويهلك الكرامين ويعطي كرمه لآخرين.
10 أما قرأتم هذا النص من الكتاب: «الحجر الذي رفضه البناؤون هو الذي صار رأس الزاوية»؟
11 أفعل الرب هذا وهو عجيب في أعيننا؟«
12 فطلبوا أن يمسكوه، عالمين أنه كان يفكر فيهم بهذا المثل. ولكنهم خافوا الجمع فتركوه ومضوا.
13 فأرسلوا إليه بعض الفريسيين والهيرودسيين لكي يمسكوه بكلامه.
١٤ فلما جاءوا إليه قالوا: »يا معلم، نعلم أنك رجل حق، ولا تبالي بأحد، لأنك لا تراعي الناس كما هم، بل تعلم طريق الله بالحق. أيجوز دفع الجزية لقيصر أم لا؟ هل ندفعها أم لا؟«
15 فعلم خيانتهم، فقال لهم: »لماذا تغريونني؟ هاتوا لي دينارًا لأراه«.«
16 فأتوا به، فقال لهم: »لمن هذه الصورة والكتابة؟« فقالوا له: «لقيصر».
17 فأجابهم يسوع وقال لهم: »أعطوا لقيصر ما لقيصر، ولله ما لله». فتعجبوا.
18 ومن الصدوقيين الذين ينكرون القيامة, ثم اقتربوا منه وسألوه هذا السؤال:
19 »يا معلم، أوصانا موسى أنه إذا مات أخ وترك امرأة بلا أولاد، يأخذ أخوه امرأته ويقيم أولاداً لأخيه.
20 وكان سبعة إخوة، فأخذ الأول امرأة ومات ولم يترك ولداً.
21 ثم أخذها الثاني ومات أيضًا ولم يترك ولدًا، وكذلك الثالث.,
22 فأخذها كل واحد من السبعة ولم يتركوا أولادًا، وبعدهم ماتت المرأة أيضًا.
23 حسنًا، في القيامة, وعندما يقومون، لمن تكون زوجة؟ لأنها كانت زوجة كل السبعة.«
24 فأجابهم يسوع: »أليس أنتم في ضلال لأنكم لا تفهمون الكتب ولا قوة الله؟
25 لأنه عندما يقوم الناس من الأموات لا يتخذون نساء ولا يتزوجون أبناء. نحيف الأزواج؛ ولكنهم مثل الملائكة في السماء.
26 ولمس القيامة أما قرأتم في كتاب موسى عند مرور العليقة المشتعلة ما قاله الله له: أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب؟
27 فهو ليس إله أموات،, لكن الناس الأحياء. لذلك أنت مخطئ إلى حد كبير.«
28 فسمع واحد من الكتبة هذا الكلام، فلما رأى أن يسوع أجابهم حسنا، تقدم إليه وسأله: »أية وصية هي أولى الكل؟«
29 أجابه يسوع: »إن أول كل شيء هو هذا: اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد.
30 فأحبب الرب إلهك بكل قلبك، وبكل نفسك، وبكل فكرك، وبكل قدرتك. هذه هي الوصية الأولى.
31 والثانية مشابهة لها: تحب قريبك كنفسك. لا توجد وصية أعظم من هذه.«
32 فقال له الكاتب: »حسنا يا معلم، الحق قلت: إن الله واحد وليس آخر غيره.;
33 ومحبته من كل قلبك، ومن كل فكرك، ومن كل نفسك، ومن كل قدرتك، ومحبة قريبك كنفسك، هي أعظم من جميع المحرقات والذبائح.«
34 فلما رأى يسوع أنه أجاب بحكمة، قال له: »لست بعيدا عن ملكوت الله». ولم يجرؤ أحد أن يسأله شيئا بعد.
35 وأما يسوع فكان يعلم في الهيكل وقال: »كيف يقول الكتبة إن المسيح هو ابن داود؟
36 لأن داود نفسه يقول بالروح القدس: قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك.
37 داود نفسه يدعوه ربا فكيف يكون ابنه؟ وكان الجمع الكثير يستمتع بسماعه.
38 وقال لهم أيضًا في تعليمه: »احذروا الكتبة الذين يحبون المشي بالثياب الطويلة، وتلقي التحيات في الأسواق،,
39 أفضل المجالس في المجامع وأفضل الأماكن في الولائم:
40 أما هؤلاء الذين يأكلون بيوت الأرامل، ويطيلون صلواتهم، فسيأخذون دينونة أعظم.«
41 وجلس يسوع تجاه الصندوق، وكان ينظر إلى الجمع الذين يلقون فيه المال، وكان كثير من الأغنياء يلقون مبالغ كبيرة.
42 فجاءت أرملة فقيرة وألقت فلسين يساوي مجموعهما ربع شلن.
43 ثم دعا يسوع تلاميذه وقال: »الحق أقول لكم: إن هذه الأرملة الفقيرة ألقت في الخزانة أكثر من الجميع.
44فإنهم جميعا أعطوا من فضلتهم، وأما هذه فأعطت من فقرها كل ما كان عندها، كل ما كان لها لمعيشتها.«
الفصل 13
1 وفيما هو خارج من الهيكل قال له واحد من تلاميذه: »يا معلم، انظر إلى هذه الحجارة وهذه الأبنية!«
2 أجابه يسوع: »أترى هذه الأبنية العظيمة؟ لن يبقى فيها حجر على حجر، بل يُهدم جميعها«.«
3ولما جلس على جبل الزيتون تجاه الهيكل، سأله بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس على انفراد:
4 »أخبرنا متى يحدث هذا، وما هي العلامة التي تثبت أن كل هذه الأمور على وشك أن تتحقق؟«
5 فأجابهم يسوع وابتدأ يتكلم قائلا: »انظروا، لا يضلكم أحد.
6فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أنا هو. المسيح ; وسوف يخدعون عددًا كبيرًا من الناس.
7فإذا سمعتم بحروب وبأخبار حروب فلا ترتاعوا، لأنه لا بد أن تكون هذه، ولكن ليس المنتهى بعد.
٨ سيقوم شعب على شعب، ومملكة على مملكة. وستكون هناك زلازل في أماكن مختلفة، ومجاعات. هذه هي بداية المخاض.
9 فاحذروا! ستُساقون إلى المحاكم والمجامع، وهناك تُضربون، وتُحاكمون أمام الولاة والملوك من أجلي، لأني أنا الرب. أنا ليشهد أمامهم.
10 ينبغي أولاً أن يُكرز بالإنجيل في جميع الأمم.
11 لذلك متى قدموكم إليهم فلا تفكروا مسبقا فيما ستقولونه، بل تكلموا بما يُعطى لكم في تلك الساعة. لأن لست أنت المتكلم بل الروح القدس.
12 ويسلم الأخ أخاه إلى الموت، والأب ابنه، ويقوم الأبناء على والديهم ويقتلونهم.
13 و وسوف يبغضكم الجميع بسبب اسمي. ولكن الذي يصبر إلى النهاية فهذا يخلص.
14 ومتى رأيتم رجسة الخراب قائمة حيث لا ينبغي أن تكون، فليفهم القارئ، فحينئذ ينبغي لأهل اليهودية أن يهربوا إلى الجبال.
15 والذي على السطح فلا ينزل إلى البيت ولا يدخل ليأخذ من الخارج شيئا.
16 والذي ذهب إلى حقله فلا يرجع ليأخذ ثوبه.
17 ولكن ويل للحاملات والمرضعات في تلك الأيام!
18 صلوا لكي لا تحدث هذه الأمور في الشتاء.
19 لأنه في تلك الأيام تكون ضيقات لم تكن منذ ابتداء العالم الذي خلقه الله إلى الآن ولن تكون.
20 ولو لم يقصّر الرب تلك الأيام لم يخلص أحد. ولكنه قصّرها لأجل المختارين الذين اختارهم.
21فإن قال لكم أحد: هوذا المسيح هنا، أو هوذا المسيح هناك، فلا تصدقوا.
22 لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويعطون آيات ومعجزات، لكي يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً.
23 أما أنتم، فاحذروا! ها أنا قد أخبرتكم بكل شيء من قبل.
24 ولكن في تلك الأيام بعد ذلك الضيق تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه،,
25 فتسقط نجوم السماء، والقوات التي في السماء تتزعزع.
26 حينئذ يبصرون ابن الإنسان آتيا في السحاب بقوة عظيمة ومجد عظيم.
27 ثم يرسل ملائكته ليجمعوا مختاريه من الأربع الرياح، من أقاصي الأرض إلى أقاصي السماء.
28 اسمعوا هذا المثل لشجرة التين: متى رخصت أغصانها وأخرجت أوراقها، تعلمون أن الصيف قريب.
29 وهكذا،, عندما ترى هذه الأشياء تحدث, واعلموا أن ابن الإنسان قريب، وأنه على الباب.
30 الحق أقول لكم: لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله.
31 السماء والأرض تزولان، ولكن كلامي لا يزول.
32 وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلمهما أحد ولا أحد يعلمهما. الملائكة في السماء ليس الابن، بل الآب وحده.
33 احترزوا واسهروا وصلوا، لأنكم لا تعلمون متى يأتي الوقت.
34 كذلك الإنسان إذا خرج من بيته ليسافر، أقام عبيده على رؤوسهم، ووزع على كل واحد عمله، ثم أمر البواب أن يسهر.
35 فاسهروا إذن لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت، أفي المساء أم في منتصف الليل أم عندما يصيح الديك أم في الصباح.;
36 لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياما.
37 وما أقوله لكم أقوله للجميع: اسهروا!«
الفصل 14
1 وكان الفصح والفطير بعد يومين، وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يمسكون يسوع بمكر ليقتلوه.
2ولكن قالوا لا ينبغي أن يكون ذلك في العيد لئلا يكون شغب في الشعب.»
٣ وفيما كان يسوع في بيت عنيا عند سمعان الأبرص، دخلت عليه امرأة وهو متكئ، ومعها قارورة طيب ناردين خالص غالي الثمن، فكسرت القارورة وسكبت الطيب على رأسه.
4 وأعرب كثير من الحاضرين عن استيائهم فيما بينهم قائلين: "لماذا نضيع هذا العطر؟"
5 وكان يمكن أن يباع بأكثر من ثلاثمائة دينار، ويوزع ثمنه على الفقراء. فغضبوا عليها.
6 فقال يسوع: »اتركوها، لماذا تزعجونها؟ لقد صنعت لي خيرًا».
7 لأنكم كنتم دائما الفقراء معك، ومتى شئت، يمكنك أن تفعل لهم الخير؛ ولكنك لا تملكني دائمًا.
8 ففعلت هذه المرأة ما في وسعها، فحنطت جسدي مسبقاً للدفن.
9الحق أقول لكم: حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم، يخبر أيضاً بما فعلته هذه، تذكاراً لها.«
10 ثم ذهب يهوذا الإسخريوطي، واحد من الاثني عشر، إلى رؤساء الكهنة ليسلمه.
11 وبعد أن سمعوا ذلك، كانوا في مرح ووعده أن يعطيه مالاً. وكان يهوذا ينتظر فرصة مواتية لسلمته.
12 وفي اليوم الأول من الفطير، حين ذبح الفصح، قال تلاميذه ليسوع: »إلى أين تريد أن نذهب ونعد لك الفصح؟«
13 فأرسل اثنين من تلاميذه وقال لهما: اذهبا إلى المدينة، ستجدان رجلاً حاملاً جرة ماء، فاتبعاه.
14 وحيثما يدخل فقولا لصاحب البيت: المعلم يرسلك لتقول: أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي؟
15 فيريكما غرفة كبيرة مفروشة جاهزة، فأعدّا لنا هناك.«
16 فخرج تلاميذه وجاءوا إلى المدينة، فوجدوا كما قال لهم، فأعدّوا الفصح.
17 وفي المساء جاء يسوع مع الاثني عشر.
18 وفيما هم يأكلون، قال يسوع: »الحق أقول لكم: إن واحداً منكم سيسلمني، الذي يأكل معي!«
19 فابتدأوا يحزنون ويقولون له واحدا بعد الآخر: »هل أنا هو؟«
20 فأجابهم: »هو واحد من الاثني عشر الذي يضع يده معي في الصحفة.
21 أما ابن الإنسان فسيمضي كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذي يُسلم ابن الإنسان على يده! كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يولد.«
22وفيما هم كانوا يأكلون، أخذ يسوع خبزاً وبارك وكسره وأعطاهم وقال: »خذوا هذا هو جسدي«.«
23 ثم أخذ الكأس وشكر وأعطاهم إياها، فشربوا منها كلهم.
24 وقال لهم: »هذا هو دمي، دم العهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين.
25 الحق أقول لكم: إني لا أشرب بعد من نتاج الكرمة إلى ذلك اليوم حينما أشربه جديداً في ملكوت الله.«
26 وبعد أن سبحوا خرجوا إلى جبل الزيتون.
27 فقال لهم يسوع: »في هذه الليلة أجعلكم جميعا مشككين، لأنه مكتوب: أني أضرب الراعي، فتتبدد الخراف».
28 ولكن بعد قيامتي أكون لكم قائداً في الجليل.«
29 فقال له بطرس: »وإن شككت في كل شيء فلن تشكك فيّ أبداً«.«
30 فقال له يسوع: »الحق أقول لك: إنك في هذه الليلة قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات«.«
31 ولكن بطرس أكد أكثر قائلا: »حتى لو اضطررت إلى أن أموت معك، فلن أنكرك». وكان كلهم يقولون ذلك أيضا.
32وجاءوا إلى ضيعة يقال لها جثسيماني، فقال لتلاميذه: »اجلسوا هنا حتى أصلي«.«
33 فأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا، فخاف وحزن.
34 فقال لهم: »نفسي حزينة حتى الموت، امكثوا هنا واسهروا«.«
35 وبعد أن تقدم قليلاً، ألقى نفسه على الأرض، وكان يصلي أن تمر عنه هذه الساعة إن أمكن.
36 وقال: »يا أبا، كل شيء مستطاع لك. فاصرف عني هذه الكأس. ولكن لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك«.«
37 ثم جاء بعد ذلك فوجد تلاميذه نائمين، فقال لبطرس: »يا سمعان، أنت نائم؟ أما استطعت أن تسهر ساعة واحدة؟»
38 اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة. أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف.«
39 ثم مضى أيضا وصلى قائلا ذلك الكلام بعينه.
40 ثم رجع فوجدهم نائمين، إذ كانت أعينهم ثقيلة، ولم يعرفوا بماذا يجيبونه.
٤١ ثم عاد ثالثة وقال لهم: »الآن أنتم نائمون وتستريحون. كفى! لقد أتت الساعة. هوذا ابن الإنسان يُسلَّم إلى أيدي الخطاة».
42 قوموا ننطلق، فإن الذي يسلمني قد اقترب.«
43 وفي تلك الساعة، بينما هو يتكلم، وصل يهوذا، أحد الاثني عشر، ومعه جيش عظيم مسلح بالسيوف والهراوات، أرسله رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ.
44 وكان الخائن قد أعطاهم هذه العلامة: »الذي أقبله هو هو، أمسكوه وخذوه بسلام«.«
45ولما وصل تقدم إلى يسوع وقال: »يا معلم!» وقبله.
46 وألقى الآخرون أيديهم عليه وأمسكوه.
47 فاستلّ واحد من الحاضرين سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه.
48 أجابهم يسوع: »كأنه على لص خرجتم بسيوف وهراوات لتأخذوني؟.
49 كل يوم كنت معكم أعلم في الهيكل ولم تمسكوني. ولكن هذا كان لكي تكمل الكتب.«
50 فتركه جميع تلاميذه وهربوا.
51 وكان شاب يتبعه، لا يغطيه إلا ملاءة، فأمسكوا به.;
52 فألقى اللثام وهرب عرياناً من أيديهم.
53 فأخذوا يسوع إلى رئيس الكهنة، حيث اجتمع جميع رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ.
54 فتبعه بطرس من بعيد إلى داخل دار رئيس الكهنة، فجلس مع الخدام عند النار يستدفئ.
55 ولكن رؤساء الكهنة والمجمع كله كانوا يطلبون دليلاً على يسوع لكي يقتلوه، فلم يجدوا.
56فإن كثيرين شهدوا عليه زوراً، ولكن الشهادات لم تتفق.
57 وأخيراً قام قوم وشهدوا عليه زوراً.
58 »فسمعناه يقول: سأنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي، وفي ثلاثة أيام أبني آخر غير مصنوع بالأيادي«.«
59 ولكن حتى في هذه النقطة لم تتفق شهاداتهم.
60 فقام رئيس الكهنة ودخل في وسطهم وسأل يسوع قائلا: »أما عندك شيء تقوله في ما يشتكيه هؤلاء عليك؟«
61 فسكت يسوع ولم يجب. فسأله رئيس الكهنة أيضًا وقال له: »أأنت المسيح ابن المبارك؟«
62 فقال له يسوع: »أنا هو، وسوف تبصر ابن الإنسان جالساً عن يمين القدير، وآتياً في سحاب السماء«.«
63 فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال: ما حاجتنا إلى شهود؟
64 سمعتم التجديف، فماذا تقولون فيه؟ فأجاب الجميع بأنه يستحق الموت.
65 فابتدأ قوم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويضربونه قائلين له: »اخمن!» وكان العبيد يلطمونه.
66 وفيما كان بطرس في الدار في الأسفل، جاءت إحدى جواري رئيس الكهنة،;
67 فلما رأت بطرس يستدفئ، نظرت إليه وقالت: »وأنت كنت مع يسوع الناصري«.«
68 فأنكر قائلا: »لا أعرف ولا أفهم ما تقولين». ثم مضى إلى الدهليز، فصاح الديك.
69 فلما رأته الجارية أيضاً، ابتدأت تقول للحاضرين: »هذا واحد من هؤلاء«.«
70 فأنكر أيضًا. وبعد قليل قال الحاضرون لبطرس: »لا بد أنك منهم، لأنك جليلي«.«
71 فابتدأ يلعن ويحلف قائلا: »لا أعرف الرجل الذي تقولين عنه«.«
72 فللوقت صاح الديك ثانيةً. فتذكر بطرس الكلام الذي قاله له يسوع: »قبل أن يصيح الديك مرتين، تنكرني ثلاث مرات». فبكى.
الفصل 15
١ وفي الصباح الباكر، اجتمع رؤساء الكهنة من دون إبطاء مع الشيوخ والكتبة وكل أعضاء المجلس. وبعد أن قيدوا يسوع، مضوا به وسلموه إلى بيلاطس.
2 فسأله بيلاطس: »أنت ملك اليهود؟» فأجابه يسوع: »أنت تقول ذلك«.«
3 ولما قدم عليه رؤساء الكهنة شكاوى مختلفة،,
4 فسأله بيلاطس أيضًا قائلًا: »أما تجيب بشيء؟ انظر كم يشتكون عليك».»
5ولكن لم يجب يسوع أيضا بشيء حتى تعجب بيلاطس.
6 ومع ذلك، في كل مهرجان عيد الفصح, فيطلق لهم السجين الذي طلبوه.
7 والآن كان هناك في سجن الرجل المسمى باراباس، مع رجال الفتنة وشركائه، بسبب جريمة قتل ارتكبوها أثناء الفتنة.
8 فقام الجمع وطلبوا منه ما كان يعطيهم إياه دائماً.
9 فأجابهم بيلاطس: »أتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود؟«
10 لأنه كان يعلم أن رؤساء الكهنة أسلموه حسداً.
11 ولكن الأحبار حرضوا الشعب لكي يطلقوا باراباس.
12 فتكلم بيلاطس أيضاً وقال لهم: »فماذا تريدون أن أفعل بالذي تدعونه ملك اليهود؟«
13 فصرخوا أيضاً: »أصلبه!«
14 فقال لهم بيلاطس: »ولكن أي شر عمل؟» فصرخوا بصوت أعلى: »أصلبه!«
15 فبيلاطس إذ أراد أن يرضي الشعب أطلق لهم باراباس. وأما يسوع فجلده وأسلمه ليصلب.
16 فأدخل الجنود يسوع إلى الدار الداخلية، أي إلى دار الولاية، وجمعوا الكتيبة كلها.
17 وألبسوه الأرجوان، وتوجوا رأسه بإكليل من شوك كانوا قد ضفروا.
18 فبدأوا يحيونه قائلين: »السلام عليك يا ملك اليهود!«
19 فضربوه على رأسه بقصبة وبصقوا عليه وسجدوا له جثوا على ركبهم.
20 وبعد ما سخروا منه بهذه الطريقة نزعوا عنه الأرجوان وألبسوه ثيابه ومضوا به ليصلب.
21 فجاء رجل اسمه سمعان القيرواني أبو ألكسندرس وروفس عائداً من الحقل، فطلبوا منه أن يحمل صليب يسوع،,
22 أنها تؤدي إلى الموضع الذي يدعى جلجثة، الذي تفسيره موضع الجمجمة.
23 وقدموا له خمراً ممزوجة بمر ليشرب، فلم يقبل.
24ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها ماذا يأخذ كل واحد.
25 وكانت الساعة الثالثة حين صلبوه.
26 وكان عنوان الكتاب الذي يشير إلى سبب إدانته: »ملك اليهود«.«
27 وصلبوا معه لصين واحدا عن يمينه والآخر عن يساره.
28 فتم الكتاب القائل: »وأحصي مع أثمة«.«
29 وكان المارة يهزون رؤوسهم قائلين: »يا هادم الهيكل وبنيه في ثلاثة أيام!,
30 خلص نفسك وانزل عن الصليب.«
31 وكان رؤساء الكهنة أيضاً مع الكتبة يستهزئون به فيما بينهم قائلين: »خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها.
32 »فلينزل الآن المسيح ملك إسرائيل عن الصليب، حتى نرى ونؤمن». وكان اللذان صلبا معه يشتمانه.
33 وفي الساعة السادسة كانت ظلمة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة.
34 وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم وقال: »إلوي، إلوي، لما شبقتني!» الذي تفسيره: »إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟«
35 فسمع قوم من الحاضرين وقالوا: »هوذا ينادي إيليا«.«
36 فركض واحد منهم وملأ اسفنجة من الخل وجعلها على طرف قصبة وسقاه وقال اتركها فنرى هل يأتي إيليا وينزله.»
37 فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح.
38 فانشق حجاب المقدس إلى اثنين من فوق إلى أسفل.
39 فلما رأى قائد المئة الواقف مقابل يسوع أنه مات بهذه الصرخة، قال: »حقا كان هذا الإنسان ابن الله!«
40 وكانت هناك أيضًا نساء ينظرن من بعيد، ومن بينهن مريم المجدلية،, متزوج, ، أم يعقوب الصغير ويوسف وسالومي،,
41 الذين سبقوا وتبعوه وخدموه حين كان في الجليل، وكثيرون آخرون الذين صعدوا معه إلى أورشليم.
42 وكان المساء قد أقبل، إذ كان يوم الاستعداد، أي اليوم الذي قبل السبت،,
٤٣ فجاء يوسف الرامي، وهو عضوٌ مرموقٌ في المجمع، وكان هو الآخر ينتظر ملكوت الله، فجاء بجرأةٍ إلى بيلاطس يطلب جسد يسوع.
44 ولكن بيلاطس تعجب من موته السريع، فاستدعى قائد المئة وسأله: هل له زمان كثير على يسوع؟.
45 فلما سمع قائد المئة، أعطى الجسد ليوسف.
46 فاشترى يوسف قطعة من كتان، وأنزل يسوع، ولفه بالقطعة، ووضعه في قبر منحوت في صخرة، ثم دحرج حجراً على باب القبر.
47 ومريم المجدلية، متزوج, وكانت أم يوسف تنظر إلى المكان الذي وُضِع فيه.
الفصل السادس عشر
1 ولما انقضى السبت، جاءت مريم المجدلية،, متزوج, واشترت أم يعقوب وسالومة حنوطاً لكي تذهبا وتدهنا يسوع.
2 وفي أول الأسبوع، في الصباح الباكر جداً، أتين إلى القبر، والشمس قد طلعت.
3فقال بعضهن لبعض: »من يرفع الحجر عن باب القبر؟«
4 فرفعوا أعينهم ورأوا أن الحجر قد دُحرج، وكان عظيماً جداً.
5 فدخلن القبر، ورأين شاباً جالساً عن اليمين لابساً ثوباً أبيض، فخافن خوفاً شديداً.
6 فقال لهن: لا تنزعجن. أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب. إنه قام. ليس هو ههنا. هوذا الموضع الذي وضعوه فيه.
7 لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس أنه يقودكم إلى الجليل. هناك ترونه كما قال لكم.«
8 فخرجن في الحال من القبر وهربن، لأن الرعدة والحيرة أخذتاهن، ولم يقلن لأحد شيئاً من أجل خوفهن.
9 فبعدما قام يسوع باكراً في أول الأسبوع ظهر أولاً لمريم المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين.;
10 فذهبت وأخبرت الذين كانوا معه، فحزنوا وبكوا.
11 فلما سمعوا أنه حي وأنها رأته لم يصدقوها.
12 ثم ظهر يسوع بهيئة أخرى لاثنين منهم وهما منطلقان إلى الحقل.
13 فرجعوا وأخبروا الآخرين، فلم يصدقوهم هم أيضاً.
14 وبعد ذلك ظهر للأحد عشر أنفسهم وهم يأكلون، ووبخهم على عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم، إذ لم يصدقوا الذين نظروه بعد قيامته.
15 ثم قال لهم: »اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.
16 من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدان.
17 وهنا المعجزات الذين سيرافقون المؤمنين، ويخرجون الشياطين باسمي، ويتكلمون بألسنة جديدة.
18 فيلتقطون الحيات، وإذا شربوا سمًا مميتًا لا يضرهم، ويضعون أيديهم على المرضى، المرضى سوف يتم شفاءه.«
19 بعد أن هكذا وبعد ما تكلم، ارتفع الرب يسوع إلى السماء وجلس عن يمين الله.
20 أما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان، وكان الرب يعمل معهم ويثبت كلامهم بإيمان. المعجزات الذين رافقوه.


